أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

عبد المسيح يوسف يكتب: ”جاي في السريع”... حكايات من جوا الجميلة مصر

منذ أيام قليلة، قضيت عشرة أيام، رائعة، نشكر الله، في بلدي الجميلة مصر، بعد سنوات من الهجرة في بلدي كندا، وتحديدا إقليم الكيبيك المحبب إلى قلبي. رغم قصر الفترة إلا أنها كانت ثرية بالأحداث والزيارات والمقابلات مع من أحب. بعيدا عما فعلته بي شركة إير فرانس Air France، إحدى أسوء شركات الطيران في العالم بسبب مواعيدها الرديئة، للغاية، وإجبار على كراهية السفر، بسبب تغييرهم الدائم لمواعيد الطائرات، وأنت داخل المطار، مما ينم عن مشكلة على المستوى الفني للطائرات، أو على المستوى الإداري في تنظيم جدول المواعيد بصورة دقيقة، إلا أنه للحقيقة فإن مستوى الخدمة داخل الطائرة يعد جيدا. بعيدا عن هذه الشركة السيئة، والتي كنت أحب السفر عليها، نظرا لعشقي لفرنسا وثقافتها، بفضل سنوات معيشتي ودراستي وعملي في مدينة ليون على نهر الرون لأكثر من ست سنوات. أعود لحبيبة قلبي مصر الجميلة والمحروسة. منذ أن وطأت قدماي أرض مطار القاهرة، الكبير والضخم، وضباط الجوازات، يتمتعون بدرجة عالية من الرقي والمساعدة، قدمت للضباط جوازي سفري، فسألني تحب تدخل مصر بأيهما، فقلت له المصري طبعا، فطلب من أن أملأ النموذج المخصص للمصريين، وختم لي الجواز وتمني لي زيارة سعيدة، وداعبني بجملة لطيفة، صحفي وكمان مصري، حيث مهنتي في جواز سفري المصري، فضحكت له، ودعوت لهم ولمصر بالأمن والبركة، فكانت ابتسامة منه لي. خرجت من المطار لأبحث عن شنطي، فكانت كلها بخير، وكان في انتظار، صديقي المقرب وأخو زوجتي، النجم مجدي أبو المجاجيد. شاهدت في القاهرة، في حوالي الساعة الثالثة صباحا، حركة كبيرة، ودماء تسير في عروق بنت المعز القاهرة، والساعة تقترب من الفجر، سيارات كثيرة، نعم تسير بلا احترام لقواعد المرور، ولكن الكل يتقن قواعد القيادة، وفقا لقاعدة، بدون قاعدة، عكس ما نسير عليها في كندا، كما لو كنا نلعب جيمز منظمة. كنت أنظر هذه المرة لشوارع القاهرة والجيزة محافظتي، في لهفة واشتياق، في احتياج لتغيير جو حقيقي. تصورت أنني بمجرد أن تطأ قدماي أرض الجميلة والأصيلة مصر، سأحن للعودة إلى كندا، إحدى أعظم دول العالم من حيث الرفاهية والتقدم. على العكس، استمر اعجابي لكل ما أراه، حتى عدم احترام قائدي السيارات للقواعد، رغم خطورته، رأيت فيه مهارة في القيادة، وتكيف مع هذه الفوضى النسبية، في تقادي وقوع الحوادث. بعد مقابلة الأهل والأحباب، أبي أعطاه الله موفور الصحة والعافية، والذي أحب بأن ألقبه "عم فلي الجميل"، وأخواتي البنات، وبالطبع والدي زوجتي المحترمين عم شوقي الطيب والمحترم وطنط نادية الجميلة، وأخوات زوجتي الاجتماعيين المرحبين، ربنا يسعدكم جميعا. تعددت مقابلات مع صديق العمر، ومن ساعدني الانضمام لمجال الصحافة، صديقي الصدوق ماجد سمير، حيث جلسنا كثيرا على مقاهي الجيزة. بعيدا عن الجيزة، كانت هناك أوراق إدارية يجب أن أنجزها في نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، وغيرها من المؤسسات الحكومية، كانوا الجميع متعاونين للغاية، وتم انجاز كل الخدمات في توقيتاتها، التي أخطرت بها. كنت أتسأل هل الحياة وردي لهذه الدرجة، أم أن هذا توفيق في أن أنجز أموري في توقيتاتها، بتوفيق من الله طبعا. بالطبع سيرت عدة مرات في السوق، واشتريت بعض المنتجات، لم أجد أحد يشكو، حالة من الرضا النسبي مرسومة على الوجوه، في مستوى عالي للغاية من الأمن، تجده في شوارع القاهرة والجيزة وقرى ومحافظات صعيد مصر حيث حملتني قدماي. ما صدمني فعلا، نعم صدمني، أنني قررت، وبفعل اشتياقي لزيادة بعض الأديرة في صعيد مصر، حيث أنني أعشق دير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وكنيسة القديس العظيم الأنبا كراس في سوهاج المدنية، وكذلك دير أبونا يسي والمتنيح نيافة الأنبا فام أسقف طما السابق، الذي ارتبطنا به معنويا وأبويا في قرية كوم غريب بمدينة طما في سوهاج، ما صدمني أن مواعيد قطارات مصر أكثر انضباطا من مواعيد شركة إير فرانس العالمية Air France ! وعايشت ساعتها حادثة الشابين من الباعة الجائلين، الذين اجبرها الكمسري على الدفع أو النزول من القطار، في حادثة مؤسفة، تنم عن تطبيق أعمى للقواعد بعيدا عن الرحمة. الحياة جميلة، ولكن بعض الناس يستغلونك هناك عندما يعرفون أنك غريبا عن المدينة أو القرية، فقد تركب ميكروباص بقيمة 8 جنيهات من مدينة طما لمدينة سوهاج، ولكن توكتوكا صغيرا يأخذ منك 70 جنيها ليوصلك من قرية كوم غريب لطما، وميكروباصا آخر يأخذ منك 3 جنيها من دير الأنبا شنودة ليوصلك لأقرب نقطة من محطة القطارات، مقابل أن التاكسي الذي يقلك في الذهاب يحصل منك على 50 جنيها بعد فصال، ليس لأن المبلغ كبيرا بالنسبة لي، لكن لأتأكد أن اي إصلاح يجب أن يأتي من الناس، لأن بعضهم يستغل المواقف، وعندما تتحدث مع أحد حول هذه الفروق، يبدأ في الحديث عن غلاء الأسعار، وعدم كفاية الدخل، ودائما كان ردي، أنا متفهم تماما ارتفاع الأسعار، لكن هذا ما يدفع البعض ممن لديهم القدرة على تحمل هذا الاستغلال، إلى الانتظار لاستخدام وسائل أرخص. جرعة شحن معنوي وروحي وبركة عظيمة حصلت عليها، ولكنني شعرت بالحزن، أن الفقر لايزال عريضا في صعيد مصر، الناس الغلابة والفقراء كثيرون، والكنائس والأديرة عظيمة في مساعدة هذه الفئات. وطوال عودتي من الصعيد وأنا أتساءل لماذا لا توجه الحكومة جزء من الاستثمارات لمدن وقري الصعيد لتأسيس المصانع والشركات، لتستوعب ملايين الشباب والآباء، الذين وجدت الكثير منهم يجلسون منذ الصباح الباكر على الطرقات أمام منازلهم. نعم الصعيد في حاجة لضخ استثمارات لرجال الأعمال، وكذلك من جانب الحكومة. خلال عودتي في القطار، من سوهاج للقاهرة، تذكرت زياراتي لأحياء الجيزة القديمة خلف أم المصريين وشارع المحطة والصناديلي، حيث الجيزة القديمة، ومنطقة وسط البلد، طلعت حرب وقصر النيل و26 يوليو، والعتبة، حيث قضيت بعض الوقت، وجاءت لي فرصة للسير مع صديقي ماجد في منطقة الزمالك الفاتنة. كما قمنا بأداء واجب العزاء في السيدة المحترمة والدة المهندس يوسف سيدهم، ربنا ينيح روحها، وجدة الصديقة المهندسة دينا سيدهم، ويعد المهندس يوسف، رئيس تحرير وطني، أبا روحيا لجيل عريض من الصحفيين على المستوى المهني والإنساني ندين له بالفضل والاحترام، أما المهندسة دينا رئيس التحرير التنفيذي لموقع وطني، فهي إنسانة راقية جدا وبلغة المصريين جدعة جدا. كما قابلت أصدقاء أعزاء على قلبي أذكر منهم اسحق وصالح وحنان فكري ومحمد وعبد الله وغيرهم. نزلت الأمطار على مصر، خلال يومين كانت شوارع القاهرة غرقانة، والمدارس والجهات الحكومة في عطلة رسمية، تضايقت كثيرا، لأن الشوارع تحولت لبرك من الوحل، والناس بقيت حبيسة منازلها. وعندما قمت بزيارة والدتي رحمها الله الست فرحة، والملاك الصغير مارك (ابن أخي) ربنا ينتح روحيهما وأرواح جميع المتنيحين في الإيمان والإنسانية، في طريق للمقابر على طريق الفيوم، وجدت أن مساحات واسعة من رمال الصحراء كانت مبللة بصورة واضحة، وكميات ضخمة من المياه لم يحسن استخدامها، ونظرت للرمال والصحراء، وقلت لنفسي، لماذا يخطط لمثل هذه المواقف لعمل خزانات في أماكن السيول أو الأمطار الغزيرة للاستفادة بها، أو لماذا لا تقوم طائرات برش الأسمدة والتقاوي في مناطق صحراوية معينة للاستفادة باستصلاحها والاهتمام بها لاحقا، من قبل الإدارة، أساس نجاح المجتمعات والشركات. وقبل يوم عودتي ذهب للصلاة مع أبي الحبيب والمقرب إلى قلبي القمص سوريال كامل راعي كنيسة السيدة العذراء في منطقة الإخلاص قرب الكوبري الدائري في العمرانية، وبعد القداس، جلست معه في مكتبه كثيرا من الوقت، وخرجت منه عنده سعيدا. وكان المفترض أن اسافر مساء هذا اليوم، ولكن إير فرانس –الله يسامحها- أجلت السفر لمدة 10 ساعات كاملة. ورغم كل هذا عدت إلى كندا الجميلة، وقلبي سعيد بزيارة مصر الأصيلة، وتمنيت لو كانت الزيارة أطول، يا حبيبتي يا مصر.