عبد المسيح يوسف يكتب: حكايتنا مع الملاك وأبونا ميخائيل عطية
رغم أن العالم ملء بالأحداث السياسية والملتهبة، الخاصة بسد النهضة وليبيا والطائرة الأوكرانية، واجراءات عزل ترامب، إلا أن كل هذه الموضوعات يكثر تناولها في مختلف وسائل الإعلام بحكم تخصصي في الاقتصاد السياسي، ولكن هناك موضوع آخر جذبني وسيطر على كامل اهتمامي نظرا لكوني أصبحت جزء منه منذ فترة، وهو يتعلق بحكايتنا مع الملاك، الملاك ميخائيل والقديس أبو سيفين، وأبونا ميخائيل عطية كاهن كنيستهم في لافال. كثيرون لهم حكايات جميلة، ولكننا نفتقد للتوثيق والتسجيل لمثل هذه الحكايات، ولطبيعتي الصحفية والبحثية، أجد نفسي مهتما بتوثيق مثل هذه الأمور لتكون متاحة لمن يهتم بها، وليتشجع الآخرون من المهتمين أو القائمين على أمور هذه المؤسسات، للاهتمام بعملية التوثيق والتسجيل، للجيل الحالي والأجيال القادمة، لتكون نبراسا لاستكمال طريق النور.
خاصة منذ أن أصبح للإيبارشية أب حقيقي متواضع ومحب للشعب، ويبذل جهده وصلواته لخدمة رعية وشعب إيبارشيته، الذي تهلل قلبه وفرح كثيرا منذ قدوم أبينا الحبيب والمكرم نيافة الحبر الجليل الأنبا بولس الأسقف الساهر عن إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا.
وما شجعني لتناول هذا الموضوع هو مرور 41 عاما على سيامة أبينا الحبيب ميخائيل عطية كاهنا في يناير 1979، وهي مناسبة لأدعو لجناب أبونا ميخائيل عطية الصحة ربنا يبارك كهنوته سنين عديدة وأزمنة سلامية مديدة. وتهنئتي هناك ستكون عبارة عن توثيق ورصد لمحبة ورعاية وأبوة جزء من كثير يقوم به أبونا ميخائيل عطية وأسرة الخدام والخادمات والشمامسة في كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبو سيفين في لافال.
حكايتنا مع الملاك، الملاك ميخائيل بدأت منذ سنوات، منذ كانت زوجتي تحب أن تعمل "قرص" في كل تذكار للملاك ميخائيل لنا في المنزل ليأكل منها الجميع، وتستمر في حكي قصة الملاك للجميع، وبعد أن انتقلنا إلي مدينة لافال بدلا من مونتريال، كان من الصعب بسبب طول المسافة الاستمرار في الذهاب لنفس الكنيسة في مونتريال وهي الكنيسة الأم العظيمة والكريمة كنيسة مارمرقس التي ندين لها كل حياتنا بفضل خدمة الآباء الكهنة الأجلاء أبونا الحبيب القمص ميخائيل عزيز وأبونا القس الحبيب فيكتور نصر، وفريق الخدام والشمامسة هناك الذي يبذل جهدا كبيرا وعظيما لربط أبناءنا وبناتنا بالكنيسة، ولكن بسبب طول المسافات والأحوال الجوية الصعبة في كندا، والتي تعتبر قارة في حد ذاتها، المسافات بين مدنها الكبيرة، وأحيانا يصيبك القلق عندما يطلب أبناءك الذهاب والعودة من وإلي الكنيسة، خاصة في فصل الشتاء، الكئيب والخطر بسبب أحواله الجوية.
أما حكايتنا مع القديس العظيم مرقوريوس أبو سيفين فتعود إلى المتنيح نيافة الأنبا فام أسقف طما، الله ينيح روحه، عندما علم أن زوجتي حامل، وسألناه، فقال لنا أنها حامل في ولد ولازم تسموه فيلوباتير. ولما كنت أحب داوود الملك والنبي، لأن أبي أطال الله عمره، كان يحب أن يجمعنا لنقرأ الإنجيل ونحن صغارا، وكان يميل أبي ويحب كثيرا قراءة المزامير، فأحببت كثيرا داوود النبي، واسمه، فطلبنا الحل من نيافة الأنبا فام الله ينيح روحه لنسمي الولد ديفيد فيلوباتير، وحصلنا على بركته.
ولذا كان من المنطقي أن نبحث عن كنيسة جديدة، فكانت كنيسة الملاك ميخائيل والقديس العظيم مرقريوس أبو سيفين في لافال. بمجرد أن تدخل الكنيسة لأول مرة، تشعر بأنك في كنيسة قبطية أرثوذكسية "مصرية خالصة نقية"، الكل يقوم بتحيتك ويسألك أنت جديد؟ أنت مين؟ أهلا وسهلا بكم بينا. لا أنسى زوجتي وأولادي وأنا أول مرة ذهبنا للكنيسة، وفرحتنا بطريقة الترحيب والاستقبال التي وجدناها من الجميع، والذين كان يعتقدون أننا مهاجرون جدد، على الرغم من أننا كنا في كندا منذ سنوات.
وعندما تعرفت على راعي الكنيسة أبينا الحبيب جناب أبونا ميخائيل عطية، وتحصلت على بركته، استطعت أن اعرف لماذا تسود هذه الروح المرحبة والأبوية بين شعب الكنيسة، فهو يعاملنا جميعا كأبنائه بلا تفرقة، ويشعرنا جميعا بأن الكنيسة كنيستنا وبيتنا، وأن كل من يأتي، يأتي ليقابل الرب يسوع. الجميل في الأمر، بجانب أبوة أبينا الحبيب ميخائيل عطية الحانية للجميع، فهو يحب الأطفال كثيرا، ويتعامل معهم كما تعامل السيد المسيح مؤكدا علي دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات.
أبونا ميخائيل عطية يرعي بكل محبة وأمانة وأبوة حانية كل شعب الكنيسة، ويعجبني كثيرا عندما يأتي ذكر نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب الأنبا بولس، حيث يحلو لأبونا ميخائيل أن يقول إنه الأسقف الساهر عن إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا.
أما أسرته، فالكنيسة كلها عائلته وأسرته وتعتبر قدسه أبوها، لكن عند الحديث عن أسرته الصغيرة، نجد أن السيدة زوجته تاسوني جورجيث قريبة من الجميع، والكل يلقبها "ماما" تتعامل مع الجميع على أنها أمهم، التي تتصل تطمئن على أحوالهم وتؤكد عليهم بركة وأهمية حضور الكنيسة والصلاة في المنزل مع الأبناء، وتساعد كل من يحتاج في خدمته. عائلة أبونا ميخائيل عطية الصغيرة صورة حقيقية ونقية للعائلة المسيحية المتواضعة والباذلة والمحبة والمتواصلة مع كل الشعب في الكنيسة.
أما عن الخدمة والاجتماعات في الكنيسة فهي أكثر من رائعة، والخادمات والخدام محبين ومتواضعين مع أبناءنا وبناتنا، ولا يسع المجال لذكر كل أسماءهم كما أنني لا أعرف كل الأسماء، وليعذروني في ذلك، لأن الخدمة تغطي كل المراحل العمرية، بدءا من عمر الحضانة وما قبل الابتدائي والابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي. فريق من الخادمات والخدام لمدارس الأحد أذكر منهم بكل محبة مع حفظ الألقاب راجي عادل ورامي فيليبس وبولا فرج وفيليب وعماد شحاتة وبيشوي بولس وشنودة وكارل ومريم وماروا وسيلفانا وجوزيف، وغيرهم من خدام وخادمات مع مدام إيناس حنا لخدمة اجتماع الانجيل للأطفال في مرحلة الابتدائي، ولا يمكن أن ننسي الأستاذ يوسف داوود المهندس الحكيم والشماس المتواضع والأستاذ يحي والاستاذ شريف الذي يهتم كل أسبوع بتوزيع شيكولاتات وحلويات علي الأطفال الصغيرة التي تبكي خلال القداس أو بعد القداس والأستاذ رجائي والأستاذ مختار والأستاذ رمسيس والأستاذ جورج صبحي والعزيز الأستاذ ماجد بطرس وغيرهم كثيرين. أما عن خدمة المطبخ والتي يديرها فريق من الخادمات المجتهدات في محبة وتواضع بقيادة مدام مريم، التي تعتبر مايسترو يجعل الجميع يحترمه ويحبه، ويلتف حولها كبناتها وأبناءها.
أما إذا كنت تريد أن تفهم الكتاب المقدس وتتمتعن في تفسير آياته، فإن اجتماع الكتاب المقدس للأستاذ فوزي الخادم والشماس الأمين فإنه أفضل طريقة لتستمتع بفهم وقراءة الكتاب المقدس وربط الأناجيل والآيات بموضوعات محددة، هذا الخادم الأمين والمتواضع تشعر أنه موسوعة من المعلومات طريقة العرض الشيقة، دائما في اجتماعه نتعلم ونستفيد ونحصل على معلومات وربط يجعلك تفكرك بصورة مختلفة في قراءتك للكتاب المقدس، فضلا عن تعلميه الالحان القبطية الجميلة والمعزية لمختلف الفئات العمرية.
كما أنني أحيانا يسعدني الحظ وأنا انتظر انتهاء مدارس الأحد لأبنائي، أن استمتع إلى اجتماع الحكماء اجتماع سمعان الشيخ، الذي يأسرني ما يطرح فيه من موضوعات وقضايا، ويواظب على المشاركة فيه عدد كبير من حكماء الكنيسة، بعد الترانيم يطرح موضوع من الكتاب المقدس للقراءة والتحليل في صورة تعبر عن خبرات كبيرة ورؤية سديدة لكل المشاركين فيه، تشعرك أنك تتمني أن تنضم لهذا الاجتماع لكل تتعلم وتستفيد أكثر.
نعم نحن في حاجة لتوثيق ما تقوم به كنائسنا، لأن ما تقوم به كنيسة الملاك ميخائيل والقديس العظيم مرقوريوس أبو سيفين يجري في كنائس كثيرة، ولكننا في حاجة لتسليط الأضواء عليه، خاصة وأن الكنيسة تعتبر سفينة الخلاص، والمكان الأمن الذي نطمئن فيه علي أبنائنا وبناتنا ليعلمهم التفكير السليم والطريق الصحيح في المجتمع الكندي الممتلئ بالتحديات والمخاطر، التي تقلق الجيل الأول من المهاجرين، وهذا أمر طبيعي لأننا لا نستطيع أن نتخلص من تريبتنا المصرية الأصيلة، وقبلها قيم ومبادئ كنيستنا المسيحية الأرثوذكسية، إذ نحب أن يتمسك أبناءنا وبناتنا بهذه القيم والمبادئ، هم وأحفادهم.
مرة أخري، أبينا الحبيب ميخائيل عطية، كاهن كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبو سيفين في لافال، بمناسبة مرور 41 عاما على كهنوتك وابوتك لنا شعب الكنيسة، نقول لقدسك ربنا يبارك خدمتك ورعايتك يا أبونا سنين عديدة وأزمنة سلامية مديدة، وتنمو الكنيسة برعايتك وخدمتك وأبوتك بصلواتك مع بركة وصلوات أبينا الحبيب نيافة الحبر الجليل والمكرم الأنبا بولس الأسقف الساهر عن إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا.
عبد المسيح يوسف - مونتريال - عضو نقابة الصحفيين المصريين