عبد المسيح يوسف يكتب : ما بين كورونا العالم وشيخوخة الديمقراطية الأمريكية
بقلم: عبد المسيح يوسف
حالة قصوى من الذعر تحتاج مختلف دول العالم، ولا تفرق بين شرق وغرب، دولة متقدمة وأخري نامية، دولة إسلامية وأخري مسيحية أو غيرها، العالم يعيش حالة من الذعر الكوني، بسبب فيروس كورونا COVID-19، الذي خرج من الصين، ليصيب حركة التنقل والمواصلات والتجارة العالمية بالشلل.
الفرضيات متنوعة عن سبب فيروس كورونا ما بين أكل الفئران أو الخفافيش، أو غيرها إلا أن النتيجة واحدة، وهي حالة من الخوف، وليس القلق تسيطر علي الجميع. فبعد جنون البقر، والحمي القلاعية، وسارس، جاء فيروس كورونا ليصيب العالم بالحيرة، وخاصة مليارات البشر في مختلف أنحاء المسكونة، في ظل حالة رهيبة من نقص المعلومات فيما يتعلق بالمتاح منها لدى صانعي القرار السياسي والاقتصادي والطبي.
الغريب في الأمر أن الصين هي دائما المصدر لهذه الفيروسات الكونية، وبالطبع، أو بالأولي من المنطقي ألا تكون الصين هي المطلقة لهذه الفيروسات، ولكن التساؤلات هل يمكن أن يكون هذا حلقة خفية في الحرب التجارية بين الصين وغيرها من القوى الغربية؟
واقعيا لا تتوفر المعلومات الكافية للحكم علي هذا الأمر، ولكن الغريب في الأمر أن عددا قليلا من الدول بادر بالاصطفاف في كتف الصين حتي علي المستوى المعنوي، ولم نسمع عن أية قوة غريبة مثل الولايات المتحدة أو فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا أو غيرها تقف مع الصين لمواجهة هذا الفيروس، الذي اجتاح العالم.
المدهش أن الفيروس مثلما تفشي في الصين، انتشر بصورة رهيبة في إيران، وانتقل منها لعدد من دول الخليج، علاوة علي دول غربية كانت في مقدمتها إيطاليا وفرنسا، التي تعدا أكبر دولتين غربيتين تعانيا من كورونا، فضلا عن اليابان وكوريا الجنوبية القريبتين من الصين، مع اكتشاف حالات معدودة علي كندا وغيرها من دول العالم.
حتى هذه اللحظة لم يتحرك العالم للبحث عن المصدر الحقيقي لهذا الفيروس، وسبل مكافحته طبيا.
بعض المحللين والأطباء أشاروا إلي أن نسبة من ماتوا بسبب الفيروس لا تتجاوز 2% ممن أصابهم الفيروس ويقدرون بنحو 83 ألف شخص حول العالم. والفيروس له نفس أعراض البرد والأنفلونزا خاصة وأننا في نهايات موسم الشتاء.
وفي الوقت الذي تعلن فيه إدارة ترامب عن استعدادها لمساعدة إيران لمواجهة كورونا، لم نسمع صوت الإدارة الأمريكية لمساعدة الصين القوة الاقتصادية والكونية، التي يعتد بها في النظام الدولي الاقتصادي والسياسي. ولم يختلف الحال كثيرا بالنسبة للدول الغربية، وهذا أمر مثيل للتساؤلات. وكانت مصر من الدول الذكية، التي أرسلت مساعدات رمزية في وفد رسمي برئاسة وزيرة الصحة المصرية، زارت الصين وقدمت دعم "المعنوي" للعملاق الصيني، الذي سيفوق علي المدي القصير من هذا الفيروس، ويكون له مواقف رد الجميل.
قادت كورونا إلي خسائر فادحة في البورصات العالمية، وفي مقدمتها بورصات الولايات المتحدة ودول الخليج والبورصات الغربية. وفقدت القطاعات الاقتصادية المليارات، وكانت قطاعات الخدمات والمواصلات والسياحة في مقدمة القطاعات، وخسرت شركات الطيران لوحدها نحو ما يقارب من 30 مليار دولار.
قال خبراء اقتصاديون أن الضربة الاقتصادية الحالية علي المستوى العالمي، تعد أقوى ثاني ضربة للاقتصاد العالمي، بعد الركود الذي أصاب الاقتصاد الدولي عام 2008.
هذا وفرضت عددا من الدول قيودا علي حرية التنقل والمواصلات بين مدنها مثل إيطاليا، أو بين بعضها البعض مثل دول الخليج، وغيرها من الحالات، المعبرة عن إصابة النظام العالمي بحالة من الهلع جراء هذا الفيروس الغامض.
هذا ويحاول المتخصصون أن يقارنوا بين سارس الإلتهاب الرئوي وكورونا حاليا، لكن النتائج كلها تشير إلي غموض هذا الفيروس، حسب تصريحات منظمة الصحة العالمية، التي تتحس إعلان الفيروس حالة وباء عالمي.
هذا وأعلن تيدروس جيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية أن هناك تجارب يقوم بها علماء حاليا ربما تقود لإنتاج علاج ناجح للفيروس، دون أن يعطي أية تفاصيل. موضحا أن الصين بها حوالي 44 ألف مصاب، في حين أنه خارج الصين هناك في المجمل نحو 441 مصابا، وحالة وفاة واحدة تم رصدها خارج الصين.
وأوضح أن وباء إيبولا في الكونغو حصد أرواح أكثر من 2249 شخصا، كما أن الحصبة حصدت أرواح أكثر من 3006 شخصا، وبالتالي يجب أن نكون حذرين في التعامل مع كورورنا علي أنه وباء عالمي.
وعلي الرغم من اهتمام وزراء مالية دول مجموعة العشرين بدراسة آثار كورونا علي الاقتصاد العالمي، ومخاوف رئيس صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا من أن الوباء جاء في فترة يعاني منها الاقتصاد الدولي من الهشاشة. وتوقعت انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الصيني بنحو0.4% من مطلع العام الحالي، مقارنة بمعدل نمو متوقع بنحو 5.6% للصين، وهو ما سيؤثر بالسلب علي الناتج المحلي للكثير من الدول والاقتصاد العالمي أيضا، الذي من المتوقع أن ينخفض بنحو 0.1% ليصل لنحو 3.2%.
ديمقراطية المال والعواجيز في أمريكا
أما الموضوع الثاني المثير للتفكير، فهو الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي الأمريكي، والتي يلاحظ فيها أن كل المرشحين المحتملين تتجاوز أعمارهم الستين أو الخمسة وستين عاما، وبعضا بلغ العقد السابع من العمر، دون أن يكون هناك مرشحا شابا في بدايات الأريعينيات أو حتى الخمسينيات، والتساؤل الذي يطرح نفسه، هل شاخت الديمقراطية الأمريكية؟ أم أنه تأثير دوائر المال، سواء للمرشحين من أصحاب المليارات والملايين، أو لمن هم في دوائر صنع القرار، ولديهم علاقات مع دوائر المال والأعمال؟ الخلاصة أن الانتخابات الأمريكية نوفمبر القادم ستكون بين رئيس أمريكي ترامب تجاوز نهاية العقد السادس من العمر، أما أحد مرشحي الحزب الديمقراطي من العواجيز، فكيف سيكون حال أمريكا خلال السنوات الخمس القادمة؟
مع كل الاحترام لكبار السن، فهذا لا يمس قدرتهم وكفاءاتهم، ولكن يتعلق بملامح التواصل مع باقي فئات المجتمع، خاصة وأن خبرة رئيس وزراء شاب مثل ترودو في كندا ليست إيجابية بالنسبة للبعض، حيث قسم المجتمع الكندي.
ولهذا سيكون هناك تناول آخر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية