أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

خالد منتصر يكتب: هل نحن نتحاور أم نتشاجر؟

"الديالوج" ثقافة وفن وتعليم وتدريب، ونحن نفتقد إلى تلك الثقافة وذلك التدريب، نحن ندخل الحوار ونحن نستعد للشجار، نفتقد لأبسط أبجديات الحوار وإتيكيت المناقشة الراقية، صوتنا مرتفع وكأننا كلما رفعنا الصوت أقنعنا وأفحمنا وتغلبنا، المنطق صوته هادئ وواثق، اللامنطق صوته مرتفع وصارخ ومرتعش، لغة الجسد عندنا تشويح بالأيدي ونكز وغمز ولمز وإشارات عنف، الجسد المستعد للانقضاض يعكس عقلاً فارغاً يعاني من الانقضاض، حواراتنا مبارزات سيف لابد أن تنتهي بطعن الخصم، وليست "ماراثون" وسباق تتابع نسلم فيه الراية لزميل لكي يكمل.

بينما الحوار الراقي مباراة جماعية يكسب فيها الجميع لكن يختلف حصد النقاط وعدد "اللايكات"، لكن الجميع رابح وكسبان، المناقشة الراقية يدخلها كل متحاور بغرض أن يربح علماً لا قتلاً، يستعد فيها كل طرف لتغيير آرائه إذا ثبت له أنها خاطئة أو منقوصة أو تحتاج إلى تعديل، مغالطاتنا المنطقية في النقاش تقتل أي نقاش، تجعله حوار "طرشان"، الحوار عندنا "شجار ونقار" وأحياناً خوار! 

لذلك لا أؤمن ببرامج المناظرات العربية لأن مقصدها ليس الحقيقة وإنما "التريند" بخناقة بين الضيفين، ويا ليت الخناقة تنتهي بدم أو بكوب زجاجي في وجه أحد الضيوف، تبقى بلغة الشباب الجديدة "إتعشت"، وتحقق "التريند" وحصدت "اللايكات" وتم "الشير" بحمد الله.

الحوار تدريب بمعنى أنه لابد من أن توضع قواعده ونتعلم شفرته منذ الطفولة، في البيت وفي المدرسة، نشاهد ونتعلم كيف يتحاور الأب مع الأم، كيف تتم إدارة رقعة الشطرنج الأسرية بحكمة وذكاء، نتعلم في المدرسة أن المدرس ليس ديكتاتوراً، وإنما هو منظم حواراتي كتلميذ أو طالب، حواراتي مع نفسي وذاتي وحواراتي مع الآخرين، المدرس ليس صندوق معلومات "نكبش" منه الإجابات، بل هو محفز ودينامو يستفز فينا الأسئلة.

قمع المدرس عندنا في منطقتنا العربية هو الذي يغتال فضيلة الحوار، فالحوار فن، متى أتكلم وأين أتدخل وكيف أعرض رأيي؟، مناقشاتنا للأسف كلها مقاطعات، لا أحد يكمل فكرته، نثرثر كثيراً ولم نتقن فن الاختزال والاختصار بعد، ما يمكن قوله في جملة نعرضه في معلقة وملحمة ومجلد، ذلك لأن القضايا مشوشة والعقل لم تنفتح مسامه للآخر واللغة فقيرة في مفرداتها عند من يناقش، فمعجمه بخيل وقاموسه فقير، ولم يقرأ في حياته إلا كتب المدرسة! فلنتعلم كيف نتحاور لكي نتجاور، لكي نتفاهم، لكي نتعلم من تجارب بعضنا البعض، لكي نجد أرضية مشتركة، لكي يضمنا وطن، لكي نحول احتقاناتنا وخلافاتنا إلى معادلة كيمياء ينتج تفاعل عناصرها ذهباً وخيراً لا سموماً وشراً، لا يمكن أن نتقدم إلا لو تعلمنا كيف ندير حواراتنا بحب وذكاء ورغبة في الوصول إلى الحقيقة، وليس رغبة في جثة الطرف الآخر والفخر ببقعة الدم التي في طرف السيف..... تحاوروا تصحوا، وتصحو أوطانكم.