أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

خالد منتصر يكتب: القراءة التاريخية للدين

ما حدث في أزمة إبراهيم عيسى الأخيرة من شد وجذب وبلاغات ونيابة وهستيريا تكفير وجلسات مجلس نواب ومطالبات بطرد "إبراهيم" وإيقافه، بل طالب البعض بالتخلص منه لدرجة أن شاباً عرض النزول من السعودية وحمل الرشاش لقتله هو وتنويريين آخرين!

كل هذا سببه غياب القراءة التاريخية للدين، نحن لم نغادر بعد محطة القراءة التبجيلية التقديسية له، هي مطلوبة بالطبع وتبعث على طمأنينة النفس، لكنها ليست القراءة الوحيدة، ويجب أن نقتنع بذلك، وأوروبا لم تخرج من سيطرة الكنيسة إلا من خلال تلك القراءة التي تدخل عامل الزمن في النظرة إلى النص المقدس، وقد منح الإسلام أتباعه تلك الفرصة الذهبية للقراءة التاريخية التي تحترم عامل الزمان والظروف وطبيعة المكان... الخ.

لكنهم أهدروها بامتياز، وانتصرت القراءة التبجيلية المرتعشة، فالآيات قد نزلت متفاعلة مع الزمن، وهناك علم مستقل من علوم القرآن اسمه علم أسباب النزول، أي أن الرسالة الإلهية تقول أن كل ظرف متغير بستدعي فهماً متغيراً، لكننا بكل مهارة حنطنا النص الديني وحطمنا النقد التاريخي، الغرب فعل العكس بالرغم من أنه ليس لديه هذا العلم وذلك التفاعل، قرأ فلاسفته وليس كهنته، النص الديني بعين تاريخية، والقراءة التاريخية معناها أن تضع النص الديني في بؤرة وبوتقة ملابساته وظروفه وأحوال معيشة أهله، والنظر إلى قصص كثيرة بعين التأويل، واعتبارها عبرة وعظة أكثر منها أحداثاً حرفية، والسماح لكل الزهور أن تثمر، ولكل الأفكار أن تطرح.

ومن حقك أن تنتقد وتدافع عن رأيك بقوة ولكن بدون عنف واحتكار للحقيقة، في الدين نحن نتعامل مع غيبيات، على عكس العلم الذي يتعامل مع حقائق وتجارب ملموسة، عندما يختلف معك العالم، ستقول له هيا إلى المعمل، لكن في الخلافات الدينية ماذا ستقول وإلى أي معمل تتجه، ذبح المخالف لك والمختلف معك دينياً لن يجعل رأيك حقيقة دامغة، ولكن قوة حجتك وتماسك منطقك هو الذي يمنح رأيك تأثيره وصلابته، حتى الملحد مادام لا يستخدم عنفاً ولا يفرض رأياً فمن حقه أن يعرض رأيه وأن نتعايش معه، من حق أي فرد في المجتمع أن يفكر ويختلف عن السائد، لأن سائد اليوم ليس هو سائد الأمس ولا الغد، والتغيير هو الثابت الوحيد، والتنوع هو طبيعة البشرية، لماذا كانت هناك رحابة في الزمن الماضي أوسع مساحة من الآن؟ 

المجتمع استوعب "المعري" الذي شكك في شعره في أسس العقيدة وصدق الرسالة، وتعامل معه المجتمع على أنه أعظم شاعر، وكذلك "أبو نواس" الذي تمرد اجتماعياً على قواعد محيطة القبلي وبكل جرأة، كانت هناك آراء فلسفية خارج السياق من "الرازي" و"ابن سينا" لو قيلت الآن لأعدموا في ميدان عام، أهل الكلام ومدارس الفلسفة الإسلامية دخلوا معارك جدل ومناقشات عقل في منتهى القوة، سقفها كان مرتفعاً جداً، ولم تقم القيامة مثلما قامت على كلام التنويريين الآن، افتحوا مسام عقلكم لأكسجين الحوار وتعلموا كيف تختلفون بتحضر.

صورة مقال خالد