أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

خالد منتصر يكتب: الألم والانتحار والموت الرحيم

منذ أن أعلن الممثل الفرنسي الوسيم ألان ديلون رغبته في الموت الرحيم وطلب من ابنه الذهاب لسويسرا أشهر بلد في العالم تنفذ الموت الرحيم وتساعد المرضى الميؤوس من شفائهم على إنهاء حياتهم في سلام، والمناقشات لا تنتهي والجدل لا يتوقف.

لن أكتب عن تفاصيل الموت الرحيم الموجود في سويسرا وبعض الدول الأخرى، لأنني قد كتبتها وناقشتها في مقال سابق، لكنني سأحاول مناقشة الأهم، فلسفة هذا الإجراء المثير للجدل وليس آلياته، لا أدعي أنني قد وصلت إلى قرار أو حتى انطباع عن الموت الرحيم وهل هو صح أم خطأ؟ هل هو عملية إنقاذ أم جريمة قتل ...الخ، لأنني في النهاية إنسان، وكل إنسان يحلم بحياة أفضل وأحياناً يراوده الحلم المستحيل، حلم الخلود، لكني سأحاول طرح الأسئلة وعلامات الاستفهام والقيام بعملية عصف ذهني حول هذه القضية الشائكة.

هل الموت الرحيم قضية دينية أم طبية؟ لا أحد يستطيع تحديد وقياس كم الألم العضوي والنفسي الذي يجبر المريض على اتخاذ هذا القرار، فكل إنسان على وجه الأرض يرغب في الحياة، ولكن السؤال أي حياة؟ هذا هو مربط الفرس والسؤال المحوري، من يعاني هو من يقرر، لأن الذي يعيش في ألم مبرح ٢٤ ساعة في اليوم هو الذي يحس بكم العذاب وقسوته، جرب عندما تداهمك نوبة مغص كلوي، وهي بالتأكيد نوبة مؤقته وليست مزمنة، ماذا يدور في ذهنك لو داهمتك في صحراء قاحلة مثلاً وليس معك أحد لينقذك، تخور قواك وتتمنى من الله إما الإنقاذ وإما الموت، فما بالك بمن يعاني من مرض عضال فشلت في علاجه جميع المسكنات حتى المورفين، هل هذه حياه؟ الألم إحساس فظيع وبشع وقاتل.

فلنفرض أن مريضاً عرف وتأكد أنه مقدم حتماً على الزهايمر من صورة أشعة أو تحاليل دم، وطلب من ابنه إذا وصل إلى مرحلة الخرف الكامل التي يفقد فيها هويته ويصبح إنساناً غير الأب العاقل المحب المتفاعل الحنون، أصبح مجرد شبح، فتات جثة تتنفس، هل عليك كابن تنفيذ وصيته أم لا؟ قرار صعب ومحير، ولا أستطيع مجرد التفكير فيه، لكنه صار واقعاً يناقش على الطاولة وفي السوشيال ميديا، الألم عندما ينشب مخالبه ويغرز أنيابه في أعناقنا وأرواحنا في كل لحظة، سيكون الموت بالفعل أكثر رحمة من الحياة، أحياناً تسأل نفسك ما هو الأفضل هل هي الوحدة القاتلة والصمت الرهيب مع ما يسمى الحياة؟ أم هو الرحيل في هدوء بدون ضجيج وبدون إزعاج لمن حولنا ممن نحبهم.

أعتقد أننا قد تجاوزنا وظلمنا ألان ديلون وغيره ممن قرروا الموت الرحيم حين وصفناهم بالجنون، فأحياناً عبث الحياة يكون هو أعلى درجات الجنون، ويكون قرار الرحيل هو أعلى درجات الحكمة.

صورة مقال خالد منتصر