عاطف حنا يكتب: كَفَاكُنا دَوَرَانٌا (4)
"اختياراتك النهاردة سوف يرسم بكره بتاعك!!"... عندما اختلف رعاة إبرام مع رعاة لوط في تكوين ١٣. قرر إبرام (السائر مع الله) أن ينفصل عن لوط (السائر مع إبرام) فكل منا مرت عليه لحظات مثل هذا! سوف يأتي وقت إن كنت تسير مع شخص ما سواء أب روحي أو مرشد وليس عينك على الرب وحده، سوف يأتي وقت للاعتزال عن هذا الشخص أو تلك لكن الأهم في لحظات الفطام الروحي أن تكون وصلت إلى مرحلة نضوج روحي، لكن هذا لم يحدث مع لوط، بل بدأ لوط في حالة من الدوران حول نفسه، إلى أن انتهى به الحال إلى حال أردأ
ولكن سنرى أمانة إبرام، الأب الروحي الحقيقي، فيما بعد، لكن دعونا نأتي إلى موقف لوط، الشخصية الأولى في دراستنا هذه ورمز للدوران واختياراته للمكان الذي سوف يسكن فيه وعلى أي أساس أختار هذا المكان ونتيجة اختياره هذا!
في كل لحظة من حياتنا اليومية نحن نختار، وقراري واختياري هذه اللحظة سوف يحدد مستقبلي ويرسم لي الغد!!
يقول الكتاب المقدس قال إبرام لـلوط "أليست كل الأرض أمامك؟ اعتزل عني. إن ذهبت شمالا فأنا يمينا، وإن يمينا فأنا شمالا".
فرفع لوط عينيه ورأى كل دائرة الأردن أن جميعها سقي، قبلما أخرب الرب سدوم وعمورة، كجنة الرب، كأرض مصر. حينما تجيء إلى صوغر. (التكوين ١٣: ٩، ١٠)
أختار لوط ارض دائرة الأردن ونقل خيامه إلى أرض سدوم وعمورة، لوط اختار لنفسه كما يقول الكتاب فاختار لوط لنفسه كل دائرة الأردن، وارتحل لوط شرقا. فاعتزل الواحد عن الآخر.
(التكوين ١٣: ١١)، كثيرا ما نختار لأنفسنا ولا أريد أن أكون راديكاليا وأقول إننا لابد أن ننكر أنفسنا تماما في اختياريتنا لان هذا لن يحدث ولكن الاختيار والقرار لابد أن يكون في دائرة حضور الله وليس في دائرة النفس فقط وهنا خطورة اختياريتنا حينما نكون متمركزين حول أنفسنا فقط سنختار وفقا للعيان فقط بدون دخول في حوار مع الله.
فالنفس تحتاج إلى كبح جماحها والشخص الوحيد الذي له هذه القدرة هو شخص الروح القدس المتحد بروح الإنسان المٌخلص والذي يدرك قيمة خلاصه، فإن لم يكن الروح القدس فاعل في روحك وبالتالي في نفسك وأيضاً في جسدك فسوف تختار حسب أهوائك النفسية وسوف تجني نتيجة اختيارك، هكذا لوط أختار لنفسه وحسب رؤية عينيه لأنه ببساطة كان يتبع إبرام وليس الرب.
أختار لوط لنفسه وسكن في أرض سدوم كما يقول الكتاب، يجوز أن نختار اختيار غلط ولكن ليست هذه هي النهاية، لكن الأهم إذ أدركت أن اختياري وقراري ليس حسب مشيئة الرب، الأهم أن أعرف كيف ارجع إلى حضنه وأجلس عند قدميه وتكون عندي الجرأة أن أعترف بخطأي كما هو واعرف من أين سقطت واعدل مسار حيات.
لكن هذا لم يحدث مع أخينا لوط، لوط أختار حسب مشيئة نفسه وسكن في أرض سدوم رغم أن الكتاب المقدس يعلن أن أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا. (التكوين ١٣: ١٣)
فهذا هو الإنسان بكبريائه وغلاظة قلبه يختار خطأ وبدلا من أن يرجع إلى نفسه ويعدل عن اختياراته. يسكن ويثبت خيامه في أرض التيه، أرض سدوم، رمز العالم، وبعد أن ترك لوط إبرام... انفرد الرب ب إبرام ورسم أمامه مستقبل نسله المبارك وكأن لوط كان عائقا أمام إبرام؟!
ولم نسمع عن لوط بعد ذلك إلا من خلال سلسلة حلقات من حياة السقوط والانحدار، فأول انحدار سقط فيه لوط عندما قامت الحرب الشهيرة في تكوين 14، في عمق السديم أو عمق الملك عندما قام خمسة ملوك وحاربوا أربعة ملوك منهم ملك سدوم، إذ سقطت سدوم وسبي ملك سدوم في هذه الحرب ويشير الكتاب المقدس إلى تلك الواقعة بكلمات جميله إذ يقول وَعُمْقُ السِّدِّيمِ كَانَ فِيهِ آبَارُ حُمَرٍ كَثِيرَةٌ. فَهَرَبَ مَلِكَا سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَسَقَطَا هُنَاكَ، وَالْبَاقُونَ هَرَبُوا إِلَى الْجَبَلِ.
فَأَخَذُوا جَمِيعَ أَمْلاَكِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَجَمِيعَ أَطْعِمَتِهِمْ وَمَضَوْا. وَأَخَذُوا لُوطاً ابْنَ أَخِي أَبْرَامَ وَأَمْلاَكَهُ وَمَضَوْا، إِذْ كَانَ سَاكِنًا فِي سَدُومَ. (التكوين ١٤: ١٠-١٢) سبي لوط إذ كان ساكناً في سدوم!!
عزيزي القارئ، لا تلوم الله إذ سكتت في أرض سدوم، أي ثبت جذورك في العالم الشرير وفقدت حريتك في الرب نتيجة اختيارك، فاختيار اليوم يرسم لك الغد.... وللحديث بقية!!!