أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

زينب علي البحراني تكتب: مُثقفون بين اللؤمِ والكرَم

للواقع الثقافي الظاهر في عالمنا العربي أحكامهُ السريَّة وعوالمهُ الخفيَّة التي لا يطَّلع عليها إلا المُعايِش للأوساط الثقافية، قد يستغرق الأمرُ وقتًا طويلاً وتجارب صادِمة مؤلِمة حتى يكتشف أي قادمٍ جديد إلى هذا الواقع أن للبقاء فيه شروطًا غير مُعلنة، وأي مُحاولة متهورة للإفصاح عنها أو مُناقشة سلبياتها تؤدي إلى حُكمٍ فوري على هذا "المتهور الساذج" بالإقصاء والإنهاء بحيث لا يُسمع باسمه من جديد مهما بذل أقصى ما بوسعه للتحرر من هذا المصير المُجحِف، لذا تُعاني مواهب كثيرة من عدم صعود نجمها لا لأن ما تُقدمه لا يرقى للمستوى الذي يؤهلها لذلك؛ بل لأن هناك من "لم يعجبهم" فلان أو اعتبروه "لا يستحق" ما دام لم يُقدم قرابين الولاء الكافية للبقاء. إذا كُنتَ مُقبِلاً حديثًا على هذا الوسط خذ مني هذه المعلومة التي ستوفر عليكَ جُهدًا هائلاً وأطنانًا من الصدمات: "كل السلبيات في هذا الواقع لا يُمكن تغييرها مهما فعلت؛ لذا يجب أن تتعايش معها وتُتقن فن القفز فوق الحواجز بهدوء وسلام". ستُصادف كثيرًا من اللؤماء، والمُضطربين نفسيًا، وخسيسي النفوس، لكن المُكافأة الرائعة التي ستحظى بها إذا تمكنتَ من النجاة هي اكتشاف وجود شخصيات ذات نفوس عظيمة، خالية من العُقد النفسيَّة، مُعافاة من الأنانيَة، لا يبخلون على غيرهم بكلمة طيبة أو بمعلومة، ولا ينزعجون مِن تعرُّفك بواسطتهم إلى مَن باستطاعته فتح نافذة جديدة تنطلق منها موهبتك إلى فضاءات أرحَب. من أكثر الظواهر إثارةً للدهشة في الوسط الثقافي ظاهرة "المُثقف اللئيم"؛ الذي يعتبر نفسه الفريد المُتفرِّد الأوحَد الذي لا قبله ولا بعده ولا مثله ولا يُشبهه أحد! إذا شارك في فعالية ثقافية فيجب أن يحضر الجميع تكريمًا لمقامه الرفيع؛ لكنه – بالمقابل- لا يحضر الفعاليات التي يُشارك فيها أولئك الذين سبق وأن رفعوا من شأنه بحضورهم، وإذا قدَّم مُنجزًا ثقافيًا أو إبداعيًا فيجب على الجميع التحدث عنه وعن مُنجزه؛ لكنه بالمقابل لا يتناول مُنجزات غيره بكلمةٍ طيبة ولو على سبيل التشجيع! لا يُكلَّف نفسهُ عناء التلفُّظ بكلمة "شُكرًا" أو كتابتها من باب تقدير من يُشاركون بمُساندته أو الكتابة عنه أو ذكر اسمه بخير أمام جهات قادرة على دعمه معنويُا وثقافيًا فضلاً عن رد الجميل بأسلوبٍ أكبر من الشُّكر.. بالمُقابل هناك "المُثقف الكريم"، كريم النفس والقلب والوجدان، يعمل بهدوء وصمت من باب محبته الصادقة للفن والإبداع، لا يبخل على مُحتاج في هذا المجال بالمساعدة ولا على موهوبٍ بالتشجيع، تذكرهُ بكلمةٍ طيبة فتسمع أنه ذكرَكَ بمائة كلمةٍ عطِرة، تُخبِر عنهُ شخصين فيُخبر عنكَ مائتين، تحضر فعاليةً شارك فيها وإذا به يحضر كل فعالياتك ليدعمك ويُشجعك ويؤكد لكَ أنك لستَ وحيدًا، تكتب عنهُ سطرًا وإذا بسطور شُكره الرقيقة تنهمر عليك من هُنا وهُناكَ كالقصائد، هؤلاء الكنوز كاللآلئ التي لا تبوح بها البحار إلا لمن يصطفيه الله لنقاء نواياه وحُسن طواياه، ويُكافئه بنورها الذي يُضيء دروب روحه في رحلاتها.