عاطف حنا يكتب: ”بمن” ام ”بماذا” نكرز! (٧) ... لا للقدرية ولا للقضاء والقدر!!!
تختلط الأمور علينا عندما نحكم على الأشياء من منظور ضيق نابع من أفكارنا ونابع من ميراثنا الذي ورثناه، ونعتقد أننا الأفضل والأصح فينتج عن ذلك معتقدات نعيشها ونحيا فيها متخيلين إننا نعيش ونحيا الحياة التي رسمها لنا الله ولكن مع الأسف نحن نعيش الحياة التي رسمناها نحن لأنفسنا ونلقي اللوم والاتهام على الله انه حدد كل شيء ورسم كل شيء مسبقاً، ونستخدم كلمات روحيه للأسف اؤ سيء استخدامها مثل خطه الله لحياتي!! ونستسلم للحياة بدون مقاومة منا على اعتقاد خاطئ إنها خطة الله لحياتي.
نعم.... انا لا أنكر أن الله اعد عظامي قبل أن تتصور في رحم الأم كما يذكر المزمور 139 "لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ، وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا. مَا أَكْرَمَ أَفْكَارَكَ يَا اَللهُ عِنْدِي! مَا أَكْثَرَ جُمْلَتَهَا!" (المزامير ١٣٩: ١٥-١٧)، ولكن ما يختلط علينا هو سبق علم الله أو علم الله السابق وإرادة الله في حياتنا ويختلط ما بين صدفه وحظ وقضاء وقدر وأمثال هذه الكلمات التي تعودنا عليها ونشانا فيها لذلك تخرج الحياة بطعم لا طعم له!
فالكتاب المقدس يقول خبأت كلامك في قلبي كي لا أخطئ إليك، "خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ". (المزامير ١١٩: ١١)، ونتصور كالعادة وبالسطحية التي نقرأ فيها كلمه الله أن كلمة نخطئ هنا تشير إلى الخطية في فعلها ولكن ما أعمق كلمه الله المقدسة التي تقول إنما نحيا في الكلمة ندرك تماما الطريق التي نحيا فيها فالكلمة تشير إلى نور على الطريق كما يقول المزمور سراج لرجلي، ونور لسبيلي، سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي. (المزامير ١١٩: ١٠٥).
فالكلمة المقدسة هي النور والسراج المضيء الذي يقودنا إلى حضن الله وان نحيا في كامل الدعوة التي رسمها لو جاز التعبير الله لنا لكن بعدنا عن الكلمة وتغربنا عن كلمة الله فنخطئ الطريق ونخطئ الدعوة ونخطئ أن نحيا في ملء دعوة الله لنا وعند ذلك تخرج أسوء ما فينا إن الحياة التي نحياها والمعاناة التي نعانيها هي خطه الله، ونستسلم كالعادة تحت شعارات دينية مزيفة تخدر الضمير ونحيا في حياته التدين الظاهري في حياة لا تستحق أن تعاش لأنها مليئة بالخرافات!!
إذن ما هو الحل؟! الرجوع إلى كلمة الله من البداية لان الكلمة تعلمنا فالكلمة ترشدنا والكلمة هي النور لسبيلنا والكلمة تفحص أعماقنا والكلمات تخترق حتى المخاخ ومفارق النفس لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. (العبرانيين ٤: ١٢) فنستطيع أن نميز بين الصالح والطالح ونستطيع أن نختار ليس على أساس ضميرنا الشرير ولا على أساس ميراثنا المليء بمخدرات للضمير!!
بل نختار على أساس كلمة الله فالاختيار هو من يحدد الغد أو في اختيار اليوم هو من يحدد الغد فنحن نختار كل لحظه فلدينا الخيار في كل لحظة ومع الأسف نريد أن نحيا بعقلية البرية التي كان فيها عمود النار بالنهار والسحابة بالليل تتقدم شعب الرب ففي العهد القديم كانا النور والسحابة في الخارج وكان موسى يقود الشعب، فالشعب ناظر السحابة وناظر النور أمامه؛ أما الآن فالسحابة والنور داخلنا ،، يقول الكتاب لنا هذا الكنز في أوان خزفيه ليكون فضل القوه على الله لا منا، لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ: «أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا. (٢ كورنثوس ٤: ٦، ٧)، والذي فينا أعظم من الذي في العالم فالنور والسحابة التي تقود حياتنا هي داخلنا.
فالله أراد أن يرقينا من الرتبة العبيد التي تتبع الرجل يتمشى بعصاه يقود الشعب إلى رتبه البنين الذي كل واحد فينا يقتاد بالنور والسحابة التي في داخله، يقول القديس باسيليوس الكبير إن كلمة "حظ" و"صدفة" هي تعبيرات وثنية بمعنى (غير المؤمنين الذين لا يؤمنون بالله)، ولا مكان لها في تعبيرات المؤمنين بالله عن عنايته الإلهية.
وبالرغم من أن كل الأشياء محكومة بتدبير سابق من الله، فقد يبدو بعضٌ منها خارجاً عن المألوف فنعتبره نحن على أنه "صدفة" أو من قبيل "الحظ السيء"، سواء في نظامه أو سببه أو النتائج المترتبة عليه أو ضرورته؛ فيبدو لنا أنه مصادفة وبلا قصد.
ولكن للمؤمن الحقيقي الذي وضع حياته في يد الله مرة واحدة وإلى الأبد، لا شيء يحدث إلاَّ والرب يعلم به مُسْبقاً ويضبطه. ونقول "المؤمن حقاً" الذي وضع حياته بين يديِّ الله، هو عالمٌ تماماً وبثقة ثابتة أن كل ما يحدث حوله وله هو أولاً بين يديِّ الله، وأنه كما هو قادر على كل شيء؛ هكذا هو أيضاً رحيم. هذا الإيمان يجب أن يقودنا إلى الشكر في الرخاء واليُسْر، والصبر في المحن والآلام، والإحساس الدائم بالأمان بالنسبة للمستقبل غير المنظور.