أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

زينب علي البحراني تكتب: صحافة الثقافة وتجديد سياسات النشر

لا يخفى على المُثقف والمُبدع العربي المُتابع لأحوال الساحة الثقافية خلال الأعوام الأخيرة حجم الأزمة التي يمر بها الإعلام الثقافي العربي بوجه عام، والصحافة الثقافية بوجه خاص، لا سيما مع تصاعُد التحديات الناجِمة عن وفيات نُخبة من كِبار المثقفين والمُبدعين المعروفين في المنطقة أولاً، وحالة التشتت التي تسببت بها مواقع التواصُل الاجتماعي "السوشيال ميديا" بضجيجها الفوضوي دافعة أهمية الثقافة والمعرفة إلى مراكز متأخرة عمَّا كانت عليه ثانيًا، وتضاؤل حجم التمويل الذي يُغذيها ويدعم مسيرتها ثالثًا، لا سيما مع تجاهُل الإشارة لتلك التحديات، وهو تجاهُلٌ لن يُلغي وجودها قدر ما يُساهم في اختصار أعوام بقائها على قيد الحياة، وحرمان الساحة من آخر طوق نجاة مازلنا نُحاول التشبث به لعله يُنقذنا وننقذه في الوقت ذاته. اللافِت للانتباه أن معظم المطبوعات الثقافية العربية – لا سيما تلك التي تحظى بسُمعة طيبة وانتشارًا واسعًا- تتبع سياسة قليلة المرونة في انتقاء المواد المقبولة للنشر على صفحاتها، بحيث يبدو للقارئ المُتابع لما تنشره على مدى أعوام وكأن ثمة قائمة افتراضية غير مُعلنة للمواضيع التي يجعلها التطرق لها مُرشحة للنشر، وقائمة أخرى للأسماء والوجوه التي يُرحب بتكرارها رغم مخاطر الوقوع في فخ شعور القارئ بالملل والرتابة، ومن ثم انصرافه عن اقتناء المطبوعة وقراءتها، وبهذا تفقد جمهورها من الأجيال الشابة التي تُعتبر صمام بقاء تلك المطبوعة على قيد الحياة في المُستقبل، وتستحق جذب اهتمامها بالخوض في قضايا ثقافية مواكِبة لروح العصر بتغيُراته المُتسارعة، والسماح لأسماء مُبدعين جُدد (من غير نجوم مشاهير الساحة الثقافية) بالدخول إلى تلك القوائم وتجديد دمائها الفكرية لئلا تشيخ وتموت وتندثر. يبدو الأمر وكأن المُثقف الراغب في نشر مادة من مواده المكتوبة بعناية على صفحة من صفحات تلك المطبوعات لا بد وأن يستعرض في ذهنه قائمة الأسماء لنجوم المفكرين والأدباء والفنانين التي يُمكن اعتبار المواضيع المكتوبة عنهم أو عن مُنجزاتهم مقبولة مبدئيًا، وبهذا تنحصر الخيارات في إطار ضيق يُركز على اسماء غادرت هذا العالم مثل: جبران خليل جبران، مي زيادة، عباس محمود العقاد، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، غسان كنفاني، غازي عبدالرحمن القصيبي، رجاء النقاش، نزار قباني، محمود درويش،  المُتنبي، ابن رُشد، ألبير كامو، فرانسواز ساغان، جورج أورويل، أجاثا كريستي.. إلخ، ويتقلص حجم قائمة أسماء النجوم ممن مازالوا على قيد الحياة لنجد أنفسنا أمام أسماء بحجم غادة السمان، أحلام مُستغانمي، علاء الأسواني، دان براون، باولو كويللو، هاروكي موراكامي، وبالبحث عن قائمة جيل أقرب من المُبدعين لا نكاد نرى اسمًا، فالمواد التي تُنشر لهم نادرة، والحوارات التي تُجرى معهم شبه معدومة، والأخبار عن إصداراتهم وفعالياتهم الثقافية غير مسموعة، لا لأنهم "غير موجودين"؛ بل لأن وجودهم لا تُمد له يد المُساعدة ولا يوهَب مساحة اهتمام ليُعلم به، وأسماؤهم محرومة من فرصة البزوغ لتنال حظ المُنافسة والصعود. القامات الإبداعية والثقافية الكبيرة التي غادرت عالمنا تستحق كُل إجلال وإكبار وبقاء على قيد الحياة في ذاكرتنا العربية الجمعية، أما القامات التي مازالت تُنير عالمنا فتستحق كُل احترام وتقدير، لكن الأصوات التي تشق طريقها اليوم باجتهاد كبير رغم كُل المصاعب والعثرات والمعوقات فتستحق شيئًا من الاهتمام وتسليط الضوء على مُنجزاتها وتجنب إهمالها كي لا يخلو مُستقبل ثقافة أمتنا العربية من ولادة نجوم جُدد في هذا المجال، ولا ننسى أن الراحلين نالوا نصيبهم من اهتمام الإعلام خلال حياتهم، والذي لولاه ما تذكرهم أحد بعد وفاتهم.