روز غطاس تكتب: تأكل الكلاب من الفتات
كثير ما يتخذ اضداد المسيح هذه المقولة لتوضح للناس كيف كان يسوع قاسيا في رده على هذه السيدة التي طلبت منه شفاء ابنتها المريضة المجنونة جدا (متي 15: 27) وقد كانت أممية ليست من ابناء بني يعقوب أي إسرائيل.
فقد كان رده قاسيا ليوضح للجموع المحيطة به كم قاسية هي قلوبهم ومُدينة هي احكامهم وفي ذات الوقت يعلن عن خدمته التي ليست فقط لبني إسرائيل بل لكل العالم ايضا. فنري يسوع قد مدح ايمان هذه السيدة مؤكدا أنه في كل الارض لن ولم يجد من يؤمن به مثلها. بالرغم من علمها انها أممية نجسة وهو معلم يهودي الا انها وثقت انه الوحيد القادر على شفاء وحيدتها المريضة. فكان ردها ليس فقط سبب شفاء بنتها ولكن خلاص نفسها ايضا.
لماذا وصفها الرب بالكلاب؟ فالتعيير هنا كان متداولا في زمن المسيح على الأرض لوصف الشعوب غير اليهودية وقد كان مقبولا في زمنها مثل كلمة: "روش" أو "موزة" في أيامنا هذه. بالعلم أن معني كلمة "روش" هي مجنون أو مختل العقل وكلمة "موزة" مرتبطة بقطعة اللحم المشوية... كيف للناس أن تقبل أن يصفها الأخرين هكذا ولا يسمحون للرب استخدام تعبيرات متوافقة مع عصره الذي عاش فيه؛ وكم كان رد هذه الأم كله حكمة ورضي لحكم ذلك الإله العظيم القادر على إقامة طفلتها من فراش المرض والموت ورد عقلها الذي أصابه الجنون.
فاذا رجعنا لمصطلح الكلاب المستخدم نلاحظ أن الكلاب رغم أنها وفية لطيفة المعشر تتميز بالذكاء وحسن التصرف كما انها تلتقط من الفتات الساقط من موائد الطعام بهدوء وبساطة قانعة بالقليل الا ان الناس اقرنوها بالنجاسة لكونها ترمرم من كل جهة ما تأكله حتي قيأها (أمثال 26: 11؛ بطرس الثانية 2 : 22 ).
وفي كثير من كتابات الأدباء ورسوم الرسامين أصبح الكلب كرمز للشهوات الدنيوية والملذات الأرضية. أكد ذلك سفر الرؤية 22: 15 بقوله عن ملكوت السموات: انه خارجا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الاوثان، وكل من يحب ويصنع كذبا. ان المسيح تعجب من هذه الأم التي تخطت كل أعراف القيم وملاحظات وتعليقات الناس لتقابله وتقنعه بطلبها الذي هو شفاء ابنتها المريضة جدا.
فمصطلح الكلاب اقترن بالأمم لأنهم كانوا يعبدون كل شيء عدا الرب الاله الخالق وحتى يومنا هذا توجد ديانات كثيرة متعددة الالهة مثلهم مثل قدماء المصريين عبدوا كل شيء حتى الكلب والذبابة وكل معبود كان له اسم ووظيفة وشكل؛ وبالمثل ديانات الهند وغيره من المعتقدات التي تناقض عبادة اليهود حيث قال الرب الاله لشعبه انه إله واحد يا اسرائيل ولا تكن لك آلهة أخرى أمامي (تثنية 6: 4).
إخوتي الأحباء دعونا نحن اتباع المسيح لا نحزن عندما يصفنا الناس بالكلاب او أحفاد القردة والخنازير لأنهم لا يصفوننا نحن بل يصفون الرب الاله الذي خلقنا على صورته وشبهه ومثاله حيث انه منذ يوم أمنا بالمسيح يسوع لبسنا المسيح المحب الغفور المتسامح القادر في يوم الدينونة ان يدين امم وملوك من اجلنا.
فهو الذي وعدنا قائلا: لا تنتقموا لأنفسكم لان لي النقمة انا أجازي يقول الرب (رومية 12: 19)، وان كل آلة صورت ضدنا- نحن كنيسته- لا تنجح وكل لسان يقوم عليك نحكم عليه هذا ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي يقول الرب (اشعياء 54: 17). دعونا يكون لنا ايمان المرأة الكنعانية ولا نهتم بوصف الناس لنا كما لا نهتم بالفتات الساقط من الموائد بل لنري يسوع المسيح رب واله قادر ان يصنع أكثر جدا مما نطلب او نفتكر حسب غناه في المجد.