جورج موسى يكتب: العفو عن برئ
منذ ساعات أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عفواً رئاسياً عن الباحث القبطي باتريك زكي، وكان قد صدر بحق باتريك حكماً بالسجن ثلاث سنوات عقاباً له عن مقال رأي كان قد كتبه عام 2019 عن الظلم والتمييز الممنهج الذي يتعرض له أقباط مصر، المقال الذي عنونه باتريك آنذاك بتهجير وتهجير وتضييق، حصيلة أسبوع في يوميات أقباط مصر.
في مقاله سرد باتريك وقائع حقيقية حدثت بالفعل للأقباط، بعد عام رجع باتريك الذي يدرس في جامعة بولونيا بإيطاليا في زيارة لمصره الحبيبة فتم القبض عليه في مطار القاهرة بتهمة الإرهاب وتكدير السلم العام والتحريض فتم حبسه لمدة تتجاوز أثنين وعشرين شهراً قبل أن يُخلى سبيله على ذمة القضية! وكان مشهد النهاية منذ ساعات حيث حكمت عليه محكمة أمن الدولة طوارئ حكماً نهائياً غير قابل للطعن ولا للاستئناف بالسجن لمدة ثلاث سنوات لأدانته بإذاعة أخبار كاذبة داخل القطر المصري وخارجه من شأنها تكدير السلم العام فتم القبض عليه من داخل المحكمة ليقضي عقوبة السجن الصادرة بحقه.
باتريك الذي حصل في مطلع الشهر الحالي على درجة الماجستير من جامعة بولونيا الإيطالية عن طريق تقنية الزوم حيث أنه ممنوعاً من السفر والذي وقع أكثر من 200ألف مواطناً إيطالياً علي طلب بمنحه الجنسية الإيطالية ووافق أكثر من 200 عضو من مجلس الشيوخ الإيطالي على منحه إياها في محاولة لإنقاذه من براثن الظلم ولكن لم تفلح هذه المحاولات فصدر الحكم الآنف الذكر!
هذا الحكم هو رسالة تهديد لأقباط الداخل والخارج حتى لا يجرؤ أحد عن الحديث عن قضايا الأقباط، هذا الحكم الذي دفع بثلاثة من المشاركين في الحوار الوطني بتجميد عضويتهم في هذا الحوار وهم الأستاذ نجاد البرعي والسيد خالد داوود والأستاذ أحمد راغب، عقب صدور الحكم ناشد كثير من النشطاء السياسيين الرئيس عبد الفتاح السيسي بتفعيل المادة الخامسة عشر من قانون الطوارئ التي تنص أنه يجوز لرئيس الجمهورية إلغاء العقوبة أو تخفيفها أو أيقاف تنفيذها!
لم تمضي ساعات حتى خرجت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني على العالم كله لتعلن عن شكرها للرئيس عبد الفتاح السيسي لإصداره عفواً رئاسياً عن باتريك زكي وتعلن أن باتريك سيعود لإيطاليا غداً متمنية له حياة مطمئنة وناجحة وسعيدة! ميلوني منذ لقائها بالسيسي في نوفمبر الماضي ظلت تطرح قضية باتريك مطالبة السلطات المصرية بالعفو عنه ورفع حظر السفر عنه حتى يعود لحياته في إيطاليا.
بهذا العفو يسدل الستار عن معاناة شاب نابه من شباب هذا الوطن ظن يوماً أن من حقه إبداء رأيه فيما يحدث لأشقائه في وطن أعتاد الجور على حقوقهم فناله ما ناله من ظلم وتنكيل وسجن وإهانة! وتبقي كلمة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيادة الرئيس ماذا فعل باتريك حتى يستحق كل ما ناله؟! في نظرك ما جريمة باتريك زكي؟! وهل باتريك أجرم لمجرد أنه كتب مقال رأي... فعفوت عن مجرم أم تُراك عفوت عن برئ؟!