عاطف حنا يكتب: ”بمن” أم ”بماذا” نكرز!!! (١٢) هل نكرز ”بنص” أم ”بشخص”؟!
استكمالا للبحث الذي بدأته في المقال السابق في كتاب الله في المسيحية لخادم الرب عوض سمعان، يوضح أن الله ذات، عاقل، جامع، مانع، واحد بسيط، غير مركب، ويوضح ويبسط كلا على حده، فيقول ليس من المعقول أن يكون هناك إله يرضى أن يكون مجهولا منا، لأنه إذ كان هو الخالق لنا، فمن المؤكد أن يكون كائنا عاقلاً، وإذا كان كائنا عاقلاً، فمن المؤكد أن لا يرضى أن نحرم من معرفته، فإن كنا يسبب قصورنا الذاتي لا نستطيع أن نعرف شيئا عنه من تلقاء أنفسنا، لكن يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرفنا شيئا كافيا عن ذاته.
فالله ليس هو والعالم جوهر واحد، والله ليس مجرد طاقة، وليس من المعقول أن يكون الله بلا صفة، لأن لكل موجود صفة، فالله ذات أي شخص لكن ليس كالأشخاص المحدودة إذ هو لا يحده مكان ولا زمان، إذ أن قلنا إن الله في السماء فقط فقد أخطأنا، لأنه هو الذي خلق السموات، إذن فهو أسمى من أن يحده مكان فقال القديس اغسطينوس "الله موجود في كل مكان بنوع خفي، وموجود في كل مكان بنوع ظاهر"، وقال إسحاق بن العسال "كل متحيز متناه وكل متناه محدث، فكل متحيز محدث، والباري ليس بمحدث، إذا هو ليس متحيزا".
وقال الإمام الغزالي رداً على سؤال الزمخشري عن معني الآية "الرحمن علي العرش استوى"، قال "إذ استحال أن تعرف نفسك بكيفية أو أينية فكيف يليق بعبوديتك أن تصف الربوبية بأينية أو كيفية"، أما الكتاب المقدس فيحوي من الآيات التي تقر بعدم محدودية الله الكثير من الآيات وأذكر منها على سبيل المثال «أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ. إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ (إرميا ٢٣: ٢٣، ٢٤)»، وأيضاً «أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ، فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. (المزامير ١٣٩: ٧-١٠)».
وايضاً قال الحكيم سليمان له «لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟» (الملوك الأول ٨: ٢٧)» كما قال سفر أيوب «أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟ أَطْوَلُ مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ، وَأَعْرَضُ مِنَ الْبَحْرِ. (أيوب ١١: ٧-٩). «هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ وَعَدَدُ سِنِيهِ لاَ يُفْحَصُ. (أيوب ٣٦: ٢٦)».
نستنتج بعض النقاط التي تقودنا إلى معرفة جزئية عن الإله الذي نعبده: -
١- الله خالق كل شيء
٢- الله لا يحده مكان ولا زمان
٣- الله لا أثر للمادة فيه ولا يتحيز بحيز.
أما إذا تطرقنا إلى صفات الله فسنذكر على سبيل المثال: -
١- الله واجب الوجود... ثابت إلي الأبد، لا يزيد ولا ينقص ولا يطرأ عليه أي تغيير ما، وهنا قال مليسوس «ليس لله مبدأ، وما ليس له مبدأ، ليس له نهاية»، وقال القديس اغسطينوس «لله الأزلية الحقيقية» وقال القديس اغريغوريس «الله ليس له ابتدأ أو انتهاء»، وقال الفارابي وابن سينا «الله واجب الوجود، ووجوده لذاته، اي لم يكن مسبوقا بعلة أو زمن»، أما شهادة الكتاب المقدس فحدث ولا حرج «مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ الْجِبَالُ، أَوْ أَبْدَأْتَ الأَرْضَ وَالْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ اللهُ». (المزامير ٩٠: ٢).
٢- القدرة... وهنا لا أطيل فالله قادر على كل شيء
٣- الإرادة ... فالله حر يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته
٤- العلم... هو يعلم كل شيء
٥- البصر والسمع والكلام... فالله سميعاً، بصيرا وكليما
٦-الكمال... قال الأب متي المسكين "الله كامل يدرك ولكن لا يدرك كماله".
الله حي، إذ هو أصل الحياة، والله عليم، سميع، كليم، بصير، كامل، لا يتغير، ثابت.
أخي وصديقي اختبر إيمانك بمن تؤمن، فالأمر ليس كلمات وحبر على ورق ولكن اختبار شخصي بينك وبين إلهك الذي تعبده، يجوز أن تهدر سنوات عمرك السابقة وأنت تعبد إله لا تعرفه، فهذا نوع من اللهو ولكن لهو سخيف إذ أنت تلهو بأبديتك...
يتبع!!!!!