روز غطاس تكتب: العالم لم يكن مستحقا لهم
يطلق علي سفر العبرانيين الاصحاح الحادي عشر اسم اصحاح الايمان حيث يحكي قصصا كثيرة عن أبطال الإيمان، فمنهم من لم يحب حياته حتى الموت ومنهم من أخذ امواتهم بقيامة ومنهم من نجوا من حد السيف؛ قهروا ممالك، صنعوا برا؛ او اطفأوا قوة النار ونجوا من جب الأسود؛ وأخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل. واخرون تجربوا في هزء وجلد، ثم في قيود ايضا وحبس. رجموا، نشروا، ماتوا قتلا بالسيف، طافوا في جلود غنم وجلود معزى، معتازين مكروبين مذلين، وهم لم يكن العالم مستحقا لهم.
تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الارض. فهؤلاء كلهم، مشهودا لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد، اذ سبق الرب فنظر لنا شيئا أفضل، لكيلا يكملوا بدوننا؛ جميعهم يتفق في شيء واحد هو الإيمان والثقة المطلقة بالرب وان العالم لم يكن يستحقهم ولم يقدرهم. فالعالم لا يقدر الا الملموس المحسوس أما الايمان وما لا يمسك باليد فلا يوجد له اي وجود في قاموسه. قالها لي أحد الاشخاص من قبل: اين هو هذا الإله الذي يحكم الكون الذي تحدثيني عنه، دعيني أراه لأؤمن به؛ ما هو الا وهم وخيال بعقلك الصغير الطفولي. فللوقت تذكرت قول الرب يسوع ان لم ترجعوا وتصيروا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السموات (متي 18: 3).
فالإيمان هو الثقة بما يرجي والايقان بأمور لا تري. فالرب يسوع يقول: لأني الحق اقول لكم ان من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر! ولا يشك في قلبه، بل يؤمن ان ما يقوله يكون، فمهما قال يكون له. لذلك اقول لكم: كل ما تطلبونه حينما تصلون، فامنوا ان تنالوه، فيكون لكم (مرقس 11: 23). وبعد قيامة الرب يسوع من الأموات أخيرا ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم ايمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام (مرقس 16: 14).
والرب يسوع المسيح قال لتوما: هل لأنك رأيتني امنت؟ طوبي لمن أمن ولم يرى (يوحنا 20: 29). هكذا نري ان عدم الايمان وقساوة القلب مرتبطين بعضهما بالبعض. وتسال الرب يسوع عن الإيمان حيث قال: "أقول لكم انه ينصف المؤمنين به سريعا عندما يصرخون اليه! ولكن متى جاء ابن الانسان العله يجد الإيمان على الأرض؟" (لوقا 18: 8). لان كل من ولد من الرب الاله يغلب العالم. فهذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا (1 يوحنا 5: 4). فالإيمان ينشئ صبرا والصبر تزكية، عالمين ان امتحان إيمانكم ينشئ صبرا (يعقوب 1: 3). هنا صبر القديسين الذين يحفظون وصايا الرب الاله وإيمان يسوع (رؤيا 14: 12).
هكذا نرى أن الإيمان والصبر مرتبط أحدهما بالأخر. انت تصلي او تطلب شيء عليك ان تنتظر بصبر وطول اناة حدوثه، وفي هذا الانتظار تتم عملية التنقية اي التذكية التي من خلالها تفحص ذاتك ودوافعك التي من خلالها طلبت هذه الطلبة؛ فاذا كانت تتفق مع مشيئة الرب الاله فستتم وإذا كانت تعترض فمهما قدمت او فعلت لن تتم، وهنا عليك تقبل مشيئة الرب والخضوع لإرادته.
فاذا تأملنا حياة هؤلاء الذين لم يكن العالم مستحقا لهم لوجدناهم يخضعون لمشيئة الرب ويعيشون حياة بسيطة تتسم بإيمان قوي. فرغم ان دانيال كان يعيش عيشة ملوكية الا انه وضع في قلبه الا يأكل او يتنجس بأطايب الملك او خمر مشروبه مفضلا اكل البقول دون اللحم وغيره. يساعدنا الرب ان نعيش حياة الايمان ونعرف في قرارة نفوسنا أن العالم لم ولن يقدرنا.