روز غطاس تكتب: الامتحان
تتعدد الطرق لكن النتيجة واحدة، فالامتحان هو مقياس لقدرة الفرد على اداء مهمة ما او مقدار معرفته بالشيء؛ ولكن كم من مرات وضعنا توقعات أكثر من مقدارها فصدمنا بالنتيجة الحادثة فاثر الأمر على رؤيتنا للأمور وقراراتنا المستقبلية. بالنسبة لي الامتحان كشف لقدراتي ووضعي أمام مرآة نفسي لأراها على حقيقتها، فلا اتذكر مرة ارتعبت من امتحان سوي امتحان السواقة الذي اخفقت فيه العديد من المرات فقررت انها مهارة ليست لي وانني اضيع وقتي ومالي سدي في شيء لا احبه ولا استوعبه، فتوقف لدي التفكير فيه وهذا يرجع لصراحتي الشديدة جدا مع نفسي.
فكثيرا ما نسمع تعبيرات مثل: يوم الامتحان يكرم المرء او يهان وفي قول اخر يلام وثالث يدان. فمن خلال الامتحان يتكشف لك ما تتذكره وما قد استوعبته ومقدار ما حصلت من وقت ومجهود وبحث اتاح لك الحصول على هذه الدرجة النهائية، الامتحان يحتمل فيه المحاولة والخطاء ان كلمة امتحان تطلق ايضا علي المعدن عندما يمتحن بالنار لنعرف مدي صلابته ونقاوته، كما ان الحياة من وجهة نظري مجموعة من المواقف والاختيارات والامتحانات والتساؤلات التي نقف امامها ليتحدد بعدها قرارنا الذي يشكل مستقبلنا وحياتنا وهويتنا ومعتقدنا.
فاختيار نوع الدراسة أو شريك الحياة او البلد الذي سوف تعيش فيه هو امتحان من نوع خاص عميق وكبير شديد الخطورة حيث يشكل الايام التالية في صفحة مذكرات حياتك. وهذا ما فعله الرب مع شعبه عندما اخرجهم من ارض العبودية للأرض التي قسمها لمعيشتهم حيث امتحنهم في قرار تمسكهم بربوبيته من خلال الشعوب المحيطة بهم ( قضاة 3 : 4؛ اشعياء 28 : 6؛ حزقيال 21 : 13 ؛ دانيال 11 : 35 ؛ زكريا 13 : 9 ) كل هذه كتب تتحدث عن هذا المفهوم. يعرفنا الرسول يعقوب ان الامتحان – وهنا بمعني التجربة او الاختبار أو الضيق- يعلم الصبر (يعقوب 1: 3)؛ وهو ما قد أكده أيضا الرسول بطرس (1 بطرس 4: 10) مؤكدين ان كل امر في حياتنا نمر به يقف بنا على مفرق طرق الاختيار وبناء عليه تتشكل مراحل أيامنا الحياتية القادمة حتى يوم الوفاة وبعدها نقف امام كرسي الديان العادل الذي لا يمكن للأحد ان يخدعه حيث له عينان تخترقان أستار الظلام وكل شيء مكشوف وعريان امامه ذلك الذي معه امرنا.
فرهبة الموقف تجعلنا ننزعج ونتفكر ماذا يكون مصيرنا في تلك اللحظة وماذا سيكون تبريرنا لأفعالنا التي اقترفناها او افكارنا التي صدرت عن عقولنا! فالامتحان صعب وتوقف العقل عن التفكير في اجابة السؤال، وهنا نصرخ ما العمل وما جدوي ما يكون او سيصير؟ صعب هو يوم الحساب الذي فيه نعرف نتيجة الامتحان ومدي صحة الاختيار والاجابة التي كتبناها. وكما ذكر الشاعر جبران خليل جبران ان الناس سطورا كتبت لكن بماء.
فإما لها ان تتبخر وتضمحل في الاثير او تروي نبتة صغيرة تنمو لتكون شجرة بها ثمار مفيدة او زهور مبهجة ذات رائحة طيبة. فما تزرعه عزيزي اياه تحصد، فلا يمكن ان يجتنون من الشوك عنبا كما قال الرب يسوع المسيح لان كل شجرة تعطي ثمرها هي تعبير عن ذات الشجرة. هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية ، لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة، كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم( متي 7 : 16 - 20 ).