هاني صبحي يكتب: هنا فلسطين
بقلم: هاني صبحي
هنا فلسطين ..هنا غزة .. هنا القدس، حيث تعانق أجراس الكنائس العتيقة مآذن المساجد الجريحة.. هنا حيث علمونا في المدارس إن القدس محتلة.. وحين كبرنا وجدنا بلادنا العربية كلها محتلة إلا فلسطين.. الاحتلال كسرة وذل ويأس.. ضعف ورضوخ واستسلام.. ومين اللي شاف كل ده في عين طفل بيواجه دبابة بحجر، او في ملامح امرأة لم يخفي الألم والظلم والاستبداد جمالها.
ولم يؤثر على سحرها وأنوثتها حذائها المرفوع في وش محتل يحمل في أيده بندقية.. مين ده اللي ميحبش فلسطين.. وهل في فلسطين شئ لا يُعشق؟ قلب المنطقة النابض بعشق الأرض والأمل وحب الحياة.. مين اللي هيكسر إرادة الصامدين من 75 سنة، المتشبثين بالأرض والجذور ووعد الله بالحرية والحق، اللي لو منطقهوش اللسان، هيحكي عنه شجر الزيتون والزعتر.. وصليب كنيسة القيامة وجدران المسجد الأقصى.
شعب لم يكسره الحصار ولم ينحني أمام الجوع والعطش. ولم يخفي الجدار العازل نور الشمس وهما ناظرين متطلعين إلى النصر من وراء الأسلاك الشائكة.. شعب أطفاله بتلعب فوق الركام والدمار، اللي عندهم من الصبر والرجاء اللي يخليهم يبنوا من الحطام بيوت جديدة.. ونساء بتطلق الزغاريد لما ابنها او زوجها يرجع لها شهيد.. وشيخ عجوز لازال محتفظ بمفتاح الدار اللي اتطرد منه واتحول لمستوطنة لمجرم عنصري سارق يتباهى بسرقاته.
هنا فلسطين حيث المقاومة حق. والجهاد لتحرير الأرض وصد العدوان ووقف الانتهاكات اليومية فرض عين.. هنا المقاومة تعطي دروس مجانية لعالم منافق مزدوج المعايير.. يسلط كاميراته ويتضامن ويبكي إصابة إصبع من جندي صهيوني برئ طيب القلب رفيع الاخلاق .. ويعطون ظهورهم لبيت أصبح أنقاض ومن حوله جثث واشلاء لضحايا اسقطهم حالا ذلك المسكين بدم بارد ودون وازع من ضمير أو أخلاق.. دعوهم يقاوموا دون مزايدات أو تنظير
فالحرب بدأت.. برضانا أو غصب عنا بدأت..موافقين أو معترضين العركة بدأت.. ونرجو الله الا تطول ولا نملك سوى الدعاء في مواجهة عدو خسيس يستهدف المدنيين والأطفال والشيوخ والنساء باعترافات قادتهم وعصاباتهم المسلحة من قديم الأزل من عام 1948 إلى الآن.. لا معاهدات احترم ولا اتفاقيات نفذ ولا وعود التزم بها سوى وعود العالم الحر المتقدم الأخلاقي بمساعدته ودعمه على طول الخط وهو بيرتكب المجزرة تلو الأخرى.
فماذا كان ينتظر العالم من شعب جريح يباد على مرأى ومسمع من الجميع دون حراك أو اعتراض.. العالم المتحضر الذي يدعو للسلام داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن عمره في تاريخه ما نصر صاحب حق أو مظلوم.. وعمره ما أقر سلام وهدوء إلا بشروط الطرف القوي، اللي يمتلك أدواته و بيقول للجميع أعلى ما في خيلكم اركبوه.. هل تعلم إننا من 48 متخذين وضع الشحتفة والأغاني ونداءات الاستغاثة والاجتماعات والاتفاقيات والمعاهدات والوثائقيات والافلام اللي تبكي الحجر واللي بيتجاوب معانا منظمات العناية بالبشرة وجمعيات الرفق بالفراشات في النرويج.
العالم لا يعترف ولا بيجري يتفاوض ويتحايل غير على القوي اللي سلاحه بيتكلم؟ وما حدث من المقاومة يوم 7 اكتوبر ولسه بيحصل براً وبحراً وجواً تغيير حاد ونوعي تاريخي في أسلوب المواجهة بيغير موازين القوى في المنطقة وواضح أنه وليد سنين من التحضير والتجهيز والاستعداد ... الحكاية لسه فيها فصول كتير وندعو الله أن يقصر تلك الأيام وينصر اخواتنا في فلسطين ويوهب العالم السلام ويجنبه ويلات الحروب.