عاطف حنا يكتب: متى ننضج؟!
سوف أتوقف قليلا عن المسير قدما في كتاب الله في المسيحية لخادم الرب عوض سمعان، وقبل أن أدخل لعمق دراسة الاقانيم في الثالوث القدوس، إذ أن هذه الدراسة تحتاج إلى نضوج روحي أكثر وبما أن كل ما يدور حولي من معطيات ومداخلات سواء عن طريق الاتصال المباشر أو عن طريق المشاركات على الميديا حيث أني كنت من عدة سنوات أنشأت مجموعة لدراسة الكتاب المقدس على كلا من الفيسبوك والواتساب.
وحيث أن حسب إيماني بالملكوت: أن ملكوت السموات يمتد للإمام فقط، فملكوت الله ليس فيه دوران حول نقطة واحدة أو يدور في دوائر ويستحيل أن يرجع الملكوت للخلف، ولكن ما كدت ألاحظه من خلال مشاركات عدة أننا جميعاً بلا استثناء ندور في نفس الدوائر التي رسمناها لأنفسنا أو التي رسمت لنا من خلال آخرين سبقونا، إننا ندور حول نفس النقطة و كل واحد يحاول جاهداً أن يثبت أنه الأصح وان من يخالفه الرأي هو خارج الملة أو العقيدة.
وأحيانا يتطور الأمر والنقاش ليس إلى الرأي والرأي الآخر بل إلى التجريح وأحيانا السباب، فمجرد أن اختلف معك في الرأي فقد صرت ضدك على طول الخط، نعم نحن العرب والشرقيين لم نتعلم أن نختلف فأما معي أو ضدي، وهذا ليس من المسيحية بشيء.
إذ أتذكر التلاميذ عندما رأوا شخصاً يخرج شيطانا وهو ليس من تلاميذ المسيح فمنعوه، فماذا قال لهم الرب آنذاك "فَأجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُ مَعَنَا". فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا». (لوقا ٩: ٤٩، ٥٠) بل هو توارث مجتمعي وثقافة فرضت علينا فأصبحت في الــــ DNA وجزء من الجينات الوراثية فينا، ويا حبذا إذ كان لك مثل أعلى في الكنيسة أو شخص تعتبره صاحب الكلمة العليا وكلمته وتعليمه لا ينقض، وبالأحرى لو كان هذا الشخص ذو سلطة أو منصب في كنيستك أو طائفتك، فبمجرد أن تنتقد فكرة أو تعليم قاله هذا أو ذاك، فكأنك هدمت كل ما بنيته سابقاً بل لقد أصبحت مناهضا لهذه الكنيسة بل أصبحت مصدر هدم للعقيدة.
وكأن العقيدة هشة لهذه الدرجة سوف تهدم من بوست أو عدة بوستات، ترى ما الفرق بيننا وبين السلفيين الذي يخافون على الههم و يدافعون عن هذا الإله سواء باليد ...أو باللسان وهذا اضعف الإيمان، رغم أننا لو قرأنا الكتاب المقدس سنجد أن أكثر شخصية كانت تثور ضد المقدسات هو شخص يسوع المسيح و هو على الأرض هو الذي ثار ضد ما هو كان في تعليم ناموس موسى ثابت ومقدساً بل هدم شريعة السبت التي تعتبر لليهود بمثابة العمود الفقري للعقيدة اليهودية، وتبع بولس سيده في ذلك إذ بني على الأساس الذي أسسه سيده في هدم كل ما يتعلق بناموس موسي لدرجة إنه خصص رسالة العبرانيين كاملة لدحض كل ما يتعلق بالناموس من حفظ للسبت أو الذبائح أو الكهنوت أو العبادة.
تري صديقي القارئ متى ننضج ونركز على شخص يسوع المسيح وليس على أشخاص وتعليمهم، ونتقدم للإمام ولا نصير عبيد، أو تابعين أو ولاءنا ينتمي إلى شخص أو أشخاص أي كانت قامتهم في الكنيسة أو الطائفة.. فالجميع زاغوا وفسدوا، وإذ كانت الأغلبية العظمى من المتابعين والقراء ينتمون إلى العقيدة الأرثوذكسية إذ لم نعترف إننا لدينا تقصير في التعليم وإننا نحتاج إلى مراجعة أفكار زرعت فينا منذ الصغر.
إن لم نعترف بذلك فلدينا مشكلة، مثال لذلك الأفلام التي انتتجت لبعض سير القديسين المعاصرين، هذه الأفلام تحتوي على كم من عدم المصداقية والتحيز، فإذا كان الكتاب المقدس لا يخجل إن يسجل ضعفات رجال الله على مدار الكتاب المقدس من آدم مروراً بداود وسليمان....وبطرس، اما أصحاب هذه الأفلام التي تدعي للأسف مسيحية أخرجت إلينا أن هذا القديس لم يرتكب جرما واحدا في حياته للدرجة إنني عندما أرى فيلما كهذا أكاد اجزم إنني هالك لا محال، فمن أنا الصعلوك أمام هذا العملاق في الإيمان، فيستحيل عليّ أن اصل إلى نقطة واحدة في بحر هذا القديس.
فاخرجنا جيلا عقيم روحياً لأننا وضعنا إمامه المثال بعيد المنال جدا، إلي أن وصل بنا الحال إلى الإيمان بان ربنا ده له ناس وناس، فمن انا هذا الحقير الضعيف، واتخذنا شكل التواضع الزائف في صورة صغر نفس الذي هو للأسف صفة من صفات عدو الخير.
إن لم نعترف إننا لدينا قصور في بعض التعاليم وكل تعليم مصدره العهد القديم فقط بدون المرور من خلال فلتر العهد الجديد أو يسوع المسيح وإن لم نواجه أنفسنا سنظل ندور في دوائر حول أنفسنا وسنفقد ما عندنا كمال يقول الكتاب لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ». (مرقس ٤: ٢٥)