خطر دولي لإحياء ”الجهاد العالمي” .. ومجلس الأمن يحذر من تهديداته
داعش خرسان (1)
تحقيق: إيهاب أدونيا
ضربات إرهابية متعددة استهدفت مناطق متفرقة في أوروبا وآسيا وإفريقيا أعادت تنظيم "داعش" إلى الواجهة، ودفعت الأذهان لتذكر سنوات الدم والدمار في سوريا والعراق تحت راية الدولة المزعومة. وما أثار الانتباه إلى خطورة "داعش" مجددًا ما خلفه الهجوم الذي نفذه عناصر تابعة له في روسيا حيث قتل العشرات، وهو ما أظهر سعيًا حثيثًا للتنظيم الإرهابي للعودة بقوة بعد خفوت أعقب العمليات العسكرية لقوات التحالف الدولي ضد معاقله في الشرق الأوسط ومقتل قيادات بارزة في صفوفه في وقت قصير، ما دفع البعض لتوقع اندثار التنظيم أو -على أقل تقدير- انتهاء دوره عالميًّا.
ما هي التوقعات لاماكن الضربات التالية كما يتوقعها الخبراء.. وما هي ولاية " داعش خرسان" .. ومن هو زعيمها؟.. واشهر العمليات الإرهابية التي قام بها في الآونة الأخيرة.. و لماذا تخشاها دول أوروبا في الوقت الراهن... تلك الأسئلة و غيرها سنجيب عنها في السطور القليلة القادمة.
داعش تستفيق من جديد.. و إعادة هيكلة التنظيم من الداخل
دخل تنظيم داعش في إعادة هيكلة تنظيمية منذ مقتل أبي الحسن الهاشمي القرشي في أكتوبر 2022، وهو الزعيم الثالث للتنظيم. ومع تولي أبي سارة العراقي مسئولية الولايات البعيدة في عهد زعيم التنظيم الرابع أبي الحسن الحسيني القرشي، قام بإعادة هيكلة ما يسمى بالولايات البعيدة، وهي الولايات التي تقع خارج نطاق الأفرع المركزية (سوريا والعراق)، بالإضافة إلى تشكيل مستوى أعلى يسمى المكاتب الإدارية التي تشرف على أفرع التنظيم، حيث أقر أبو سارة العراقي 9 مكاتب إدارية تشرف على 16 فرع للتنظيم، ولكل مكتب أمير يكون حلقة الوصل -من الجانب الإداري- بين مركز التنظيم وفروعه، على أن يتم التواصل بين المركز وأمراء المكاتب مرتين في الشهر.
وفي هذا السياق، تم دمج أفرع وفصل أخرى كما حدث بفصل فرع التنظيم في موزمبيق عن فرع التنظيم في وسط أفريقيا، ودمج فرع القوقاز مع فرع خراسان تحت إشراف مكتب واحد، حيث تم دمج مكتب الصديق المسئول عن ولاية خراسان (أفغانستان) والدول الحدودية وكذلك ولاية شرق آسيا (الفلبين وإندونيسيا والهند وباكستان) مع مكتب الفاروق المسئول جغرافياً عن تركيا والدول الحدودية معها والقريبة منها والقوقاز وروسيا، وتكليف شهاب المهاجر - المعروف أيضاً باسم ثناء الله غفاري - بتولي مسئولية المكتب بمنصب أمير، بالإضافة لكونه مسئول تنظيم خراسان.
ومع تصاعد حدة العمليات الإرهابية للتنظيم في أفغانستان وباكستان وإيران، كلف شهاب المهاجر بمسئولية مكتب الصديق ليتسع نطاق عمليات التنظيم الجغرافية لتشمل أفغانستان والفلبين وإندونيسيا والهند وباكستان وتركيا والدول الحدودية معها ودول القوقاز وروسيا، وهو ما يفسر أسباب قيام تنظيم خراسان بتنفيذ العملية الإرهابية في روسيا، وليس فرع التنظيم في القوقاز.
من هم " داعش خرستان"؟
يُعرف تنظيم "داعش-خراسان" بأنه أحد أكثر فروع تنظيم "الدولة الإسلامية" وحشية. وقتلت جماعة "داعش-خراسان" الإرهابية الآلاف في أفغانستان وباكستان في هجمات نفذتها منذ عام 2015.
تستمد المجموعة اسمها من خراسان، وهي تسمية قديمة لمنطقة تشمل أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان. ولكن أنشطة المجموعة الإرهابية تمتد إلى ما هو أبعد من هذه المنطقة. وبالإضافة إلى ارتكاب هجمات مميتة في إيران وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان، سعى تنظيم "داعش-خراسان" لتنفيذ عمليات تستهدف الولايات المتحدة وأوروبا.
تم تشكيل "داعش- خراسان" في عام 2014 من قبل منشقين عن طالبان والقاعدة في باكستان وأفغانستان. وتبنى المنشقون رؤية أكثر عنفاً للظاهرة الجهادية الإرهابية. وفي عام 2015، عرّفت الجماعة نفسها رسمياً على أنها امتداد لتنظيم "داعش" في منطقة خراسان. ومثل داعش، يلتزم "داعش-خراسان" بهدف إقامة خلافة عابرة للحدود الوطنية، وهي دولة للمسلمين تحكم حسب تفسيرها المتطرف للإسلام.
من هو زعيم داعش خرسان؟
يتزعم "داعش- خراسان" "شهاب المهاجر" أو "ثناء الله غفاري"، الزعيم السادس لهذا الفرع، منذ عام ٢٠٢٠، وقد وضعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اسمه على قوائم الإرهاب لديهما. وهو يتمتع بخبرة عسكرية واسعة، مع أيديولوجية وتكتيكات التنظيم الأم من حيث العزم على إقامة "الخلافة" في جميع أنحاء العالم.
وقد سبق أن حذر تقرير سابق للأمم المتحدة في يونيو ٢٠٢٠ من خطورة فرع "داعش- خراسان" في ظل قيادة "المهاجر" الذي يعمل جاهدًا على ضم عناصر من المتشددين سواء من "طالبان" أو "القاعدة" وغيرهما من تنظيمات بهدف تعزيز صفوفه والتمكن من توسيع نشاط عملياته الإرهابية في آسيا وأوروبا على وجه الخصوص. واعلنت واشنطن عن مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار لمن يأتي برأسه.
جماعة إرهابية تابعة لـ«داعش خراسان» تستقطب نصف مجنّديها من طاجيكستان
توافد ما يصل إلى 2000 طاجيكي إلى تنظيم «داعش» في أجزاء من سوريا والعراق من 2014 إلى 2019. ومع تفكك ما يسمى بالخلافة، وعدم القضاء عليها كلياً – في ظل وجود فروع من إفريقيا عبر الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى – أحيا «داعش - خراسان» بعضاً من الطموحات العالمية للدولة المحتملة.
وينصبّ التركيز على تجنيد المشاة عبر الإنترنت، حيث يدير «داعش - خراسان» عملية إعلامية واسعة النطاق باللغات العربية والإنجليزية والروسية ولغات أخرى.، لكن روسيا تعدّ هدفاً دائماً. تفيد الكثير من الشهادات عبر الإنترنت من الطاجيك بأن الرجال المسلمين الذين يرفضون القتال مع «داعش» ليسوا رجالاً حقيقيين.
مجلس الأمن يحذر من اخطار "داعش خرسان"
حذر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة من أن «داعش» يشكل تهديداً متزايداً في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل وزاد نشاطاته في الشرق الأوسط، ولا يزال عازماً على تنفيذ هجمات في الخارج.
وأكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف أن التنظيم «لا يزال يشكل تهديداً كبيراً للسلم والأمن الدوليين»، ملاحظاً أنه «زاد أيضاً عملياته في معاقله السابقة في العراق وسوريا وكذلك جنوب شرقي آسيا». وقال إن الوضع في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل تدهور و«صار أكثر تعقيداً»، محذراً من أنه إذا استمر هذا الاتجاه فهناك خطر «من ظهور منطقة واسعة من عدم الاستقرار من مالي إلى حدود نيجيريا».
وكان فورونكوف يقدم إحاطة لأعضاء مجلس الأمن، الخميس، حين عرض للتقرير الخاص عن التهديد الذي يشكله «داعش» للسلام والأمن الدوليين ونطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد. وقال إن «المأساة والدمار والمعاناة التي يسببها الإرهاب ينبغي أن تكون بمثابة حافز لتجديد الالتزام الدولي، ليس فقط لمعالجة آثاره المروعة، ولكن أيضاً، والأهم من ذلك، تكثيف الجهود لمنع مثل هذه الهجمات في المقام الأول».
وفي السياق، قالت رئيسة المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، ناتاليا غيرمان، إن مقاتلي الجماعات المتطرفة «يستغلون عدم الاستقرار السياسي ويوسعون دائرة نفوذهم وعملياتهم وسيطرتهم الإقليمية في منطقة الساحل، مع تزايد المخاوف بشأن غرب أفريقيا الساحلي». وأكدت أن «التحديات المستمرة لا تزال قائمة في الشرق الأوسط وجنوب شرقي ووسط آسيا».
رغم تراجع عدد مقاتلي هذا الفرع بسبب العمليات العسكرية الأمريكية والأفغانية ضده إلا أن اسمه أعيد إلى الصدارة عام ٢٠٢١ عقب تولي "طالبان" الحكم في أفغانستان، إذ نفذ "داعش-خراسان" تفجيرًا انتحاريًّا في المطار الدولي بكابول بأغسطس في خلال الانسحاب العسكري الأمريكي من البلاد، وهو ما شكل تهديدًا واضحًا لوجود "طالبان" في أفغانستان. لذا خاضت الحركة الحاكمة معارك واسعة ضد هذا الفرع منذ ذلك الوقت.