معضلة الشر والألم (٣)
ذهبت إلى أحد المرشدين الروحيين صارخة باكية بخصوص كارثة تكاد تعصف بحياتها الزوجية. فهي عروس جديد لم يمر علي زواجها سنة واحدة ، وقد اكتشفت ان زوجها يخونها وقد تطاول عليها وضربها حينما واجهته. انهارت الزوجة أمام هذا المرشد الذى هدأ من روعها وبدأ يطمئنها ويشجعها ان تحتمل وتتشجع لأن هذا صليبها ويجب عليها أن تحمله بفرح لكي تنال الاكاليل.
اما هذا الشاب فقد أعجب كثيرا بإحدى الأفلام الدينية التي لا تهتم إلا بالمعالجة الدرامية ولا تحترم عقلية المشاهد فتزيد من بطولة القديس او القديسة حتى تعتقد إنك أمام سوبر مان في ثوبا روحيا فائقا للطبيعة وكاسرا لقوانين العقل والمنطق، فينهي هذا الشاب ما يشاهده ويذهب ليصلي طالبا من الرب أن يمرضه! نعم يمرضه! فهو قد شاهد أن المرض بركة وصليبا وله إكليلا، فيطلب هذا الشاب أن يمرض ويتخلي عن صحته لكي ينال اكليل الشهادة بسبب هذه الأمراض التي يصلي لكي تصيبه!
ما هذا؟ ماذا حدث لمعتقدات البعض؟ للآسف عزيزي القارئ انني احكي لك عن وقائع حقيقية واحداثا تحدث بالفعل. فما علاقة الصليب بالمرض او الكارثة؟ المرض شر ووجع وألم للمريض ولذويه. المرض مكروه جدا ولو كان مرضا مزمنا أو ألما دائما، ففي الأغلب سيصاب المريض بإحدى الأمراض النفسية. اما الصليب فهو فخر ومجد ونصرة في معركة ضد ابليس، فيها رفع الرب رأس البشرية منتصرة على الشر والخطية في المسيح، فلا املك إلا أن أترنم فرحا قائلا مع بولس الرسول: "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " الرسالة إلى غلاطية14:6.
اما فكرة حمل الصليب التي قالها الرب يسوع "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" إنجيل متى24:16، فلا تمت بصلة الي حمل صليب مرض او علاقات متوترة او عمل بدون تقدير فيلجأ البعض بكبرياء الرثاء للنفس قائلا: "هذا صليبي وسأحمله بشكر" لا يا صديقي هذا لا علاقة له بالصليب ولا ما قصده الرب يسوع.
فالرب يسوع يقصد فقط الموت عن الذات اي الخضوع الكامل له ولوصيته لأن الصليب في ذلك الوقت كان أداة للموت والتعذيب. فمن اخضع وأمات ذاته من أجل المسيح فله إكليل ومجد عظيم، وهذا يتضح من سياق النص فيكمل المسيح كلامه: " 25 فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 26 لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 27 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ". إنجيل متى27-25:16.
عزيزي القاريء في حوارنا عن الألم والشر أدعوك أن تقبل الدعوة لكي نراجع معتقداتنا وايماننا. فمن أين نستقي أفكارنا ومبادئنا الروحية؟ من قال ان الله يجرب الإنسان بالمرض؟ من علمنا أن الله يجلب شرورا على الإنسان؟
الله لا يعرف الشر مطلقا وليس هذا في طبيعته. كما أن الله لا يجرب الإنسان ابدا والكتاب المقدس واضح جدا وضوح الشمس: "لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ". رسالة يعقوب14-13:1.
بل والأعجب أن الرب نفسه قد أعطانا سلطانا على هذا المرض فيقول الكتاب: "كَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب" إنجيل متى23:4. المسيح كان يشفي المرضي لأنه يعلم صعوبة المرض بل كان يعلم أن إبليس كان يقف وراء اغلب هذه الأمراض. فالرب يشفي المرض او في بعض الأوقات يستخدم المرض ويحوله لصالح الإنسان ولمجده كما فعل مع ايوب. وهو يحترم قوانين الطبيعة التي وضعها في هذا الكون ولن يغيرها لأنه عادل وحق. اما هو من يجرب بالمرض فلا والف لا .
من فضلك عزيزي القاريء انني اود ان ابشرك، صدق في سلطان كلمة الله، صدق في السلطان المعطي لك من الآب في المسيح بالروح القدس. صدق فيما قيل لك: "هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ. إنجيل لوقا19:10". نعم تستطيع أن تنتهر المرض وتدوسه وتنال شفاء من الآمك إن آمنت فقط. إن الرب يطمئنك حينما يعلن: " أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ". رسالة يوحنا الثالثة2:1 . فهو يريدك سليما وصحيحا.
فلنرجع ونتمسك بكلمة الله، ونصدق ونتمسك بالحق الكتابي فهو الأساس الوحيد والمرجع الوحيد لنا. في هذا الحق نستمد فكرنا ونتحسس أنفاس الله ويستعلن لنا الرب يسوع الكلمة المتجسد وبالكلمة نستطيع ان نميز كل تعاليم منحرفة وغريبة عن العقل والمنطق حتى لو كان اصحابها يحتلون مناصب مرموقة كنسيا، فأريوس كان قسا وأوطاخي كان رئيسا لدير.