حينما يجتمع الملك مع جاني الجميز

تحدث سفر أعمال الرسل عن ابلوس الاسكندري فيقول الوحي الإلهي عنه: "ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى أَفَسُسَ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ أَبُلُّوسُ، إِسْكَنْدَرِيُّ الْجِنْسِ، رَجُلٌ فَصِيحٌ مُقْتَدِرٌ فِي الْكُتُبِ". سفر أعمال الرسل24:18. وقفت كثيرا امام كلمة "مقتدر" وبحثت عنها في ترجمات مختلفة، فوجدت لها مفردات اخري مثل : متبحر او خبير.

هنا لا اتكلم عن يوحنا او بطرس بل عن ابلوس. إن ابلوس لا يمثل فقط الخادم بل يمثل كل إنسان مسيحي. فكل إنسان مسيحي هو خادم، يخدم في امتداد ملكوت الله. سواء كانت خدمته مباشرة او خدمة غير مباشرة. إن المشكلة الكبري التي يعاني منها اغلب المسيحيين هو غياب كامل للكتاب المقدس وغياب للتفكير النابع من علاقة شخصية مع الإنجيل. انه بالحق مشهدا متكررا في الكثير من البيوت أو المجتمعات، وهو أن الكتاب المقدس لا يفتح.

كم من البيوت لا تعرف أين يوجد الكتاب المقدس؟ وكم من البيوت لا تفتح الكتاب المقدس ولا تعرف عنه شيئا؟ وإن فتح أحد الكتاب المقدس فيفتحه من أجل البركة، فهو يقرأ الكتاب لكي يباركه الله وكأن الإنسان دخل في تجارة روحية. هو يفتح الكتاب وفي اعتقاده أن بهذه القراءة يرضي الله فيباركه الله. او من يعامل الكتاب المقدس كأنه تعويذة، فحينما يحتار الإنسان او يفكر كثيرا فالحل موجود. يفتح هذا الإنسان المتحير في أمره صفحات الكتاب بطريقة عشوائية وما تسقط عينيه عليه يقوم بتنفيذه معتقدا أن هذا هو بالحق صوت الله. فإذا فتح هذا الإنسان المتحير الكتاب علي إنجيل متي الاصحاح ٢٧ و قرأ " فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. إنجيل متى5:27" ... هل سيذهب هذا الإنسان ويخنق نفسه؟؟؟

عزيزي القاريء، أن الكتاب المقدس ليس كتابا للبركة ولا حجابا او تعويذة سحرية. انه الإعلان الالهي وهو كلمة الله الموحي. إن " كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ. " الرسالة الثانية إلى تيموثاوس17-16:3. هذا هو عمل الكتاب المقدس لكي يكون الإنسان كاملا. واذا أراد الإنسان يوما أن يعيد حساباته وإن يتخذ قرارا بتغيير حياته ، فهيهات أن ينجح دون الكتاب المقدس، فإن وجد موتا في حياته فلن يعود للحياة دون الكلمة الحية. لماذا ؟ " لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. الرسالة إلى العبرانيين12:4.

قال أحدهم: "ارسم خطأ حول الأمم التي لديها الكتاب المقدس، فستجد إنك فصلت بين التحضر والهمجية، بين الرخاء والفقر، بين الأنانية والمحبة، بين القمع والحرية، بين الحياة وظلال الموت. أجزم واؤكد أن من يكون الكتاب المقدس هو أساس تفكيره وقراراته فهو انسانا متزنا نفسيا. "

لقد كتب الكتاب المقدس بوحي من الروح القدس من خلال ٤٠ شخصا كتبوه علي مدار ١٥٠٠ سنة. اختلف الكتاب من حيث الثقافة والمكانة، فمنهم الملك وساقي الملك والفلاسفة، والراعي، وصياد السمك، والشاعر، وجاني الجميز. وبالرغم من هذا التنوع كان للكتاب وحدة متناغمة ومتجانسة تعلن عن شخص الله وتعاملاته مع الإنسان. فقد جمع الروح القدس الملك وجاني الجميزو غيرهم لكي يستعلن شخص يسوع المسيح لك. فهل تقبله وتقترب من الكلمة المكتوبة لكي يستعلن لك الكلمة المتجسد؟