حضور كبير بمهرجان فنون الشرق الأوسط والبعض يصفه بـ ”الأروع على الإطلاق” غضب الشباب يتصاعد بتونس.. فهل يتكرر سيناريو ”ثورة الياسمين”؟ بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري التوتر مستمر مع مصر.. إثيوبيا تصعد بتحرك عسكري جديد في الصومال مرض أسوان الغامض.. تضارب في أرقام وزير الصحة ورئيس الوزراء.. والمحافظ: الأمور تحت السيطرة تعديلات على إجراءات منح الإقامة الدائمة في كندا إهانات بين بوليفير وسينغ في البرلمان ترودو يعين أنيتا أناند وزيرة للنقل المحافظون يفوزون بانتخابات شرق أونتاريو اعتماد تقنية أمنية جديدة في مطارات كندا ارتفاع معدلات الجريمة في أكبر مدن كندا خرافة التيجاني والعقل البتنجاني

هل خضعت السينما المصرية للوصاية الدينية السلفية الاصولية؟

فيلم ” الملحد” بين سيف ”المنع من العرض”... ومقصلة ”المراجعة الازهرية” (1)

أمام الهجوم الشديد دافع بعض صناع الفيلم عنه وقالوا إن "العمل لا يروج للإلحاد بالعكس فهم اسمه بصورة خاطئة، وهو يدق ناقوس الخطر لكارثة موجودة ويجب التوعية بها وعدم الخوف من طرحها، وتشجيع أي عمل ينبه وينذر بوجود الملحدين في المجتمع".

على عكس تيار الحرية في الإبداع والتعبير، فوجئ الوسط الفني في مصر بهجوم على فيلم "الملحد" الذي كان من المقرر عرضه الـ14 من أغسطس الجاري، وصل إلى حد إقامة دعاوى قضائية تتهمه بالترويج للإلحاد، على رغم أن الفيلم حاصل على التصريح الرقابي والإجازة من المصنفات الفنية منذ عام تقريباً.

ويواجه الفيلم حرباً عاتية من جهات متعددة لدرجة تأجيل عرضه ، وقال منتجه إن السبب إعادة عمليات فنية للشريط السينمائي مثل المكساج والمونتاج، وهذا التصريح لم يصدقه الجميع بخاصة أن مخرج الفيلم محمد العدل كتب بصورة مباشرة عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي عبارة واضحة وهي "المنع ليس حلاً".

مختصر احداث الفيلم

طبقاً لإعلان الفيلم، فإنه يروي قصة الشاب يحيى ابن الشيخ حافظ، أحد أقطاب السلفية، الذي يطبّق ما يعتبره شرع الله بيده مع جماعته، ويعلن على المنبر أن أي شخص يعرف ملحداً عليه أن يقوم باستتابته 3 أيام ثم قتله إذا لم يرجع عن إلحاده، قبل أن يعلن ابنه يحيى بأنه ملحد، لتدور تجربة بين الأب الذي يجد نفسه في حيرة ما بين تطبيق ما قاله على المنبر وبين حبه لابنه يحيى، وبين الابن الذي يرفض أن يتراجع، فيقرر الأب عمل جلسة استتابة لابنه، وسط رجاء ليحيى من باقي العائلة بأن يتراجع عما قاله حتى لو بالكذب.

ليس الفيلم الاول الذى يناقش "الالحاد"

في السينما المصرية، تداولت أفلام كثيرة الإلحاد، بداية من فيلم “الشحات” المأخوذ عن رواية لنجيب محفوظ تحمل الاسم نفسه، ثم “الأخوة الأعداء”، و”لقاء هناك”، و”الرقص مع الشيطان”، إضافة الى الأفلام الثلاثة الأخيرة من بطولة نور الشريف، صاحب أكبر نصيب من أدوار الإلحاد في السينما المصرية، ولكن في ذلك الوقت لم يكن للازهر او للمؤسسات الدينية شأنا معلنا وتدخلا سافرا في القدرة على منع الافلام من العرض مثل تلك الايام، ففي الغالب كانت الافلام التى تمنع من العرض كانت تمنع لاغراض سياسي و ليست لاغراض دينية كما هو الحال الان مع فيلم " الملحد".

لم يتم منع أي من الأفلام المذكورة من العرض السينمائي أو حتى التلفزيوني، وكلّها انتهت أحداثها بعودة البطل مرة أخرى عن الإلحاد الى الدين بصور مختلفة. ففي “الشحات”، عاد البطل الى الدين عبر التصوف، وفي “لقاء هناك” عاد بإرادته الحرة بعيداً عن ضغط والده الذي كان السبب في إلحاده.

وسنتطرق الى ما تطرق اليهم كل فيلم في عجالة سريعة:

"فيلم الشحات"

بدأت فكرة التطرق إلى موضوعات متعلقة بالتابوهات الدينية بخاصة الإلحاد منذ عام 1973 وطرحها الكاتب الكبير نجيب محفوظ في فيلم بعنوان "الشحات"، وهو مأخوذ عن رواية له بالاسم نفسه صدرت عام 1965، وأنتج العمل عام 1973، وكان الهدف وقتها من التناول أن تظهر الشخصية الملحدة في حالة تخبط ومعاناة حتى تصل إلى الإيمان والهداية، ودارت الأحداث حول شخصية محام يدعى "عمر الحمزاوي" وهو من عائلة ثرية ويبحث عن معنى لحياته، ويبدأ رحلة الشك حيث يساوره قلق وجودي حول مغزى الحياة البشرية وسر الكون والإيمان بالله، ويزداد التخبط لدرجة تجعله يتمادى في الملذات الجسدية.

ومن المشاهد المهمة في الفيلم عندما تحدث الحمزاوي مع أحد الأشخاص وسأله "هل تؤمن بالله أم لا؟" وعندما يصل حمزاوي لذروة التخبط يلجأ إلى العزلة والتصوف فيهتدي للطمأنينة والإيمان مجدداً، والفيلم لعب بطولته محمود مرسي ومريم فخر الدين ونيللي وأحمد مظهر، ومن إخراج حسام الدين مصطفى.

الإخوة الأعداء

عرض فيلم "الإخوة الأعداء" عام 1974، عن رواية ديستوفسكى "الإخوة كرامازوف"، وأعدها للسينما المصرية وكتب السيناريو والحوار لها رفيق الصبان ونبيهة لطفي، وقام بالبطولة نور الشريف شارك في البطولة يحيى شاهين وحسين فهمي ومحيى إسماعيل ونادية لطفي وميرفت أمين، وقدم نور دور شوقي الشاب الملحد الذي ينكر وجود الله، ليدخل في صراع مع العائلة حتى يصل إلى يقين بأن الله موجود.

"لقاء هناك"

عرض "لقاء هناك" في عام 1976 عن قصة للكاتب ثروت أباظة فيلم بعنوان "لقاء هناك"، من إخراج أحمد ضياء الدين، وجسد بطولته نور الشريف أيضاً وزبيدة ثروت وسهير رمزي ومحمد السبع وفتحية شاهين وأحمد الجزايرلي وزوزو شكيب، وتناول فكرة الوقوع في الإلحاد بسبب التشدد الديني من الأسرة، وبطل الفيلم الذي جسده نور الشريف يدعى "عباس" ينتمي لعائلة متشددة دينياً لدرجة أن والده فرض عليه كل شيء بصورة إجبارية، وأكرهه على ممارسة العبادة بصرامة جعلته يشعر بضغط نفسي كبير.

ويتعرض عباس لأزمة نفسية تضعه في مهب الريح فيعذبه صراعه بين أفكاره والرغبة في التحرر من قيود الأديان وتشدد والده، وإرغامه على إقامة الشعائر الدينية، وتتصاعد الأحداث عندما يفقد عباس الإيمان ويريد أن يصل إليه بقلبه وعقله وليس بالتشدد، ويصل إلى هدفه في النهاية عندما تتعرض حياة زوجته ليلى للخطر فيشعر عباس بالإيمان ويعود إلى الله باختياره الحر وليس بفرض وإكراه من الآخرين.

"الرقص مع الشيطان"

وفي فيلم "الرقص مع الشيطان" قدم نور الشريف في عام 1993 شخصية خارجة عن المعتقدات الدينية بصورة مختلفة، والعمل من إخراج وإنتاج علاء محجوب، وتأليف محمد خليل الزهار، ومن بطولة مديحة يسري وصباح السالم وعزيزة حلمي، ويحكي عن أستاذ جامعي يدعى الدكتور واصل لا يؤمن إلا بالمادة والعلم التجريبي، ويعود واصل من بعثة دراسية من إحدى الدول الكبرى وهي الاتحاد السوفياتي، ويحاول أن يعلي من شأن العلم على حساب المعتقدات الدينية، ويتعمد السخرية من بعض الأمور التي لا تعتمد على العلم والأدلة.

وفي إحدى الجمل الحوارية بالفيلم يعارض حبيبته التي تؤكد أهمية الإيمان في الحياة لأن هناك أموراً لا يمكن التحكم فيها بالعلم مثل الموت والرزق وهي متعلقة فقط بإرادة الله، فيرد واصل على حديثها بقوله "العلم سيسيطر على كل شيء ونحن أصحاب الإرادة".

دور "السوشيال ميديا" في منع او تاجيل عرض " الملحد"

لاشك ان للسوشيال ميديا دورا قويا وواضحا ومؤثرا في كثير من القضايا بعضها عن حق و البعض الاخر فقط الاغلبية تكون مثل قطيع في عمليات " الشير" و الايكات دون وعي او ادراك هذا بخلاف اللجان الالكترونية الممنهجة و التى يكون لها دور القائد او بث السم في العسل كما يقولون من اجل نصرة قضية او التركيز على قضية ما بوجهة نظر محددة.

فلم يكن فيلم "الملحد"، الوحيد في مسيرة السينما المصرية الذي واجه مصيراً مجهولاً، فقد سبق، وأن تسببت السوشيال ميديا فى إهدار دم أفلام قبل عرضها، بل وتسببت أيضاً في منع تصوير أفلام، وعزوف منتجين عن قبول سيناريوهات تتناول موضوعات شائكة، أو تتعرض عن قريب أو بعيد إلى تابوهات قد تكون سبباً في فشلها أثناء عرضها.
ومن هذه الأعمال فيلم "النونو" الذي كان مقرراً أن يقوم ببطولته أحمد حلمي، وبعد أيام من كشف منتجه "هيئة الترفيه السعودية" عن بعض تفاصيل الأحداث، رأى جمهور "السوشيال ميديا"، أنها غير مقبولة؛ فأعلن منتجه إلغاء المشروع نهائياً، وخرج بطل الفيلم أحمد حلمي ليعلن أيضاً اعتذاره.

وكان لفيلم "ريش" منذ خمس سنوات سابقة أثارت جدلاً كبيراً، فبعد ساعات من عرضه فى مهرجان الجونة السينمائي خرج الفنان شريف منير ليعلن أن الفيلم يُسيء إلى صورة البيوت المصرية، وتناولت الفضائيات الموضوع بتوسع ليتم وقف عرضه وتسريبه على مواقع الإنترنت، ويكتشف الجمهور بأن الفيلم ليس به أية ممنوعات أو مشاهد تسىء إلى صورة البيوت المصرية.

وفى العام الماضى أُثيرت أزمة فيلم "عيسى" وهو فيلم قصير، فبعد عرضه فى مهرجانات عالمية منع من العرض الجماهيرى بالقاهرة، بحجة أن موضوعه شائكاً، واضطرت الرقابة للموافقة على عرضه بالدورة الماضية لمهرجان الإسماعيلية على استحياء، لتمرير مشكلته دون أن يعرض جماهيرياً.

هكذا ايضا قبيل عرض " الملحد" قامت اللجان الالكترونتية السلفية بنعت الفيلم بانه يدعو الى الالحاد وعدم الايمان بوجود الخالق وهكذا ، مما كان احد الاسباب في المنع .

ولكن هل عرف الغاضبون قصة الفيلم؟ معظمهم لا يهمه معرفة القصة. هل اطلع الساخطون على الغرض من التعرض لمسالة الإلحاد؟ الغالبية تعتبر التطرق للإلحاد إلحاداً. هل تكبد المتابعون ممن أصدروا أحكام الحجب والمنع عناء معرفة مزيد عن الفيلم؟ أكثرهم لم يفعل، ولن يفعل، وإلا لأصبح آثماً ومشاركاً في جرم الإلحاد.

ما سبق خلاصة جزء غير قليل من نقاشات متأججة تدور رحاها على السوشيال ميديا منذ أطل أفيش الفيلم على المصريين، فما بالك لو أطل عليهم الفيلم نفسه؟ اللافت أن تأجج النقاشات تحول إلى نيران مشتعلة حين ظهر اسم إبراهيم عيسى باعتباره مؤلف قصة الفيلم.

وزعت الجموع نفسها فيالق تطالب بمنع الفيلم قبل عرضه، وسرايا تهدد بمقاضاة العمل والقائمين عليه، وفصائل تتهم الفيلم بأنه مخطط صهيوني لنشر الفوضى ومؤامرة كونية لنثر الفتنة، وجحافل تشتم هذا وتسب ذاك إعلاء للدين ونصرة للمتدينين.

وعلى الجانب الآخر وقف فريق أقل عدداً وأخفت صوتاً وأهدأ روعاً يتحدث أعضاؤه بالمنطق وينادون بالتعقل ويطالبون بالتفكر، بينهم من يعتبر مناقشة الإلحاد إثارة لا داعي لها، أو لا يمانع في طرحها، ولكن في الوقت والظروف المناسبة، أو يرفض الفكرة برمتها لكن يرفض كذلك ما يسميه بـ"غوغائية الاختلاف"، ويظل هناك ضمن هذا الفريق الآخر من يؤمن بأهمية مناقشة كل القضايا من دون حدود وطرح جميع الأفكار من دون قيود.

دعاوى قضائية ضد "الملحد"

السيناريست نادر سيف الدين، مؤلف ومخرج الفيلم، الذي تم إنتاجه عام 2014، قام بإنذار رسمي لوقف عرض فيلم "الملحد" والمقيّد بالرقم 21576 بتاريخ 30 يوليو 2024، ضد أحمد السبكي والكاتب إبراهيم عيسى، ويتّهمهما فيه بالاستيلاء على حقوق ملكيته الفكرية.

ووجّه سيف الدين إنذاراً رسمياً من خلال محضر إلى أحمد السبكي عن نفسه وبصفته ممثلًا قانونياً لشركة "السبكي للإنتاج الفني" قيّد بالرقم 21576 بتاريخ 30 يوليو الماضي بمحضرين في الدقي، والمعلن في مواجهة النيابة العامة نظراً لرفضه الاستلام... مؤكداً "أنه جارٍ الآن اتخاذ كل الإجراءات القانونية الأخرى ضد المشكو في حقهم لإيقاف عرض الفيلم دفاعاً عن حقوقي المادية والأدبية"، ومضيفاً أن الغريب في الأمر أن يتم عمل فيلم في عام 2014، والآن يخرج فيلم بالاسم نفسه.

كما أقام عدد من المحامين، على رأسهم المستشار مرتضى منصور رئيس نادي "الزمالك" السابق، دعوى قضائية عاجلة أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، لإلغاء فيلم "الملحد"، ووقف عرضه في دور السينما، سواء على الشاشات المرئية أو المسموعة، أو صفحات السوشيال ميديا، مع إلزام أحمد السبكي صاحب شركة "السبكي للإنتاج الفني" بالمصروفات وأتعاب المحاماة.

وقال المحامون في دعواهم إن الفيلم يروّج لفكرة الشِّرك بالله لشباب الوطن الذين هم بُناة المستقبل، وأن من الواضح أن هذا الفيلم يمهّد لحرب ممنهحة ضد الدين الإسلامي، وشباب الوطن- حسب ما ذكروه في دعواهم-.

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found