استريحوا قليلا
أمر الرب يسوع المسيح تلاميذه بعد عناء يوم شديد ان يأتوا الي موضع خلاء ويستريحوا قليلا (مرقس 6: 31)، لان الروح نشيط اما الجسد فضعيف (متي 26: 41). وهو ذات الحدث مع ايليا النبي بعد أن قضي على أنبياء البعل استفذت كل طاقته فهرب للبرية هناك أيقظه ملاك الرب وأعطاه خبز وماء ثلاث ايام متتالية اكل ونام ايليا ليستيقظ على وظيفة أكبر أعدها الرب له (ملوك الأول 19: 5). كما كان وعد الرب لداود الملك قائلا: هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة واريحه من جميع اعدائه حواليه لان اسمه يكون سليمان. فاجعل سلاما وسكينة في إسرائيل في أيامه (أخبار الأيام الأول 22: 9).
اعرف كثيرين- انا شخصيا منهم- يشعرون بالذنب لمجرد فكرة الراحة، هدفهم العمل المتواصل غير ملاحظين ان الجسد يحترق من كثرة المجهود المبذول الذي يستنفذ كل طاقتهم فيكونوا كالبطارية التي لم تشحن منذ وقت ففقدت كل المخزون وتركت لتتملح ثم يفسد الجهاز الذي يحتويها ايضا؛ فما المنفعة من تعبك بدون راحة فيكون كما وصفها الجامعة تجتمع جهودك في قبض الريح: حفنة راحة خير من حفنتي تعب وقبض الريح (جامعة 4: 6).
يقول الكتاب المقدس أن الرب ذاته استراح في اليوم السابع كما امر شعبه بيوم كامل يوم راحة. هل كان الرب الإله يحتاج إلى الراحة؟ بالطبع لا. فهو ذات الرب الذي قال: اعملوا مادام يدعي نهار. كما يذكرنا الرسول بولس باننا نحن المؤمنين سندخل راحة المسيح (سفر العبرانيين اصحاح 4)، اي كل من يؤمن بوعد المسيح يسوع الذي قال فيه: تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم (متي 11: 28)؛ سوف يدخل راحته كل من صدق كلمات المسيح التي هي اقوى وحية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين القادرة على اختراق ليس فقط عقل الانسان بل مفرق النفس والروح والمخاخ ومميزة افكار القلب ونياته لأنه ليست خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء مكشوف وعريان امام الذي معه امرنا. فالمسيح يسوع هو رئيس الكهنة العظيم الذي اجتاز السموات مجربا في كل شيء مثلنا بلا خطية.
وهذا يجعلنا نحن المؤمنين باسمه يمكننا ان نتقدم بثقة الي عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه. فهو الذي شهد عنه داود في المزمور الثالث والعشرون عندما قال: الي مياه الراحة يوردني، يرد نفسي يهديني الي سبل البر من اجل اسمه.
عزيزي هذه ليست دعوة للكسل فنفس الكتاب يشير إلى الراحة الزائدة والكسل بأنهم أعداء الإنسان. سفر الامثال يذخر بالكثير من التحذيرات بخصوص هذا الموضوع فيقول: قليل نوم بعد قليل نعاس وطي اليدين قليلا للرقود. فيأتي فقرك كساع وعوزك كغاز (أمثال 6: 10، 11). نوم المشتغل حلو ان اكل قليلا او كثيرا (جامعة 5: 12)؛ لا تحب النوم لئلا تفتقر. افتح عينيك تشبع خبزا (أمثال 20: 13).
عندما سألت نفسي: أين الراحة وكيف اجدها؟ لم تشبعني إلا اجابة واحدة وهي في اوروشاليم السمائية عند مجيء الرب يسوع ليسكننا معه في السماويات؛ هناك لا وجع ولا موت ولا مرض ولا انين ولا حزن ولا اتعاب بل فرح وراحة وسلام وتسابيح وتهليل للجالس على العرش الخروف المذبوح الذي طرح القديسين تيجانهم تحت رجليه واعطوه كل التمجيد والتعظيم (سفر الرؤية اصحاح 21). لكننا يمكن ان نستمتع براحة الرب علي ارض الشقاء والاتعاب التي نعيش فيها بان نثبت عيوننا على المصلوب المرفوع بين الارض والسماء الذي يشفع فينا كل حين.