حوار مع الأب مرقس عبد المسيح كاهن كنيسة السيدة العذراء بأتوا (2)
في هذا العدد نستكمل باقي الحوار مع قدس أبونا ماركوس عبد المسيح كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم بالعاصمة الكندية أتوا .
أستكمالاً لسؤالي حول طول مدة الصلوات في الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وعن رتم الحياة السريع الآن خصوصاً في الغرب وتأثيرة علي قدرة الشعب علي حضور صلوات طويلة إلي حد ما فبالقياس مع الفارق الشعب الذي كان يستمتع بأغاني أم كلثوم الطويلة جداً في الخمسينات والستينات غير جيل الألفينات الذي قد لا تروق له تلك الوصلات الطويلة فرتم الحياة أصبح سريعاً بل سريعاً جداً ؟!
يجيب الأب ماركوس بأنه بالقطع تلك من ضمن أهم النقاط التي تهتم بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فالكنيسة تعي تماماً أهمية الوسطية في وقت وتوقيت الصلوات ولكن هناك نقطة يجب أن نأخذها في الأعتبار فكما أن التشدد والتطويل في العبادات غير مقبول كذلك أيضاً التهاون غير مقبول ولا يمكن أن تسير الكنيسة علي هوي بعض من الشعب في كل شئ ، ولذلك فالوسطية مطلوبة وصدقني أن التهاون المبالغ فيه يضعف الكنيسة
ويدلل الأب ماركوس علي ذلك أنه في أحدي المناسبات الأجتماعية التي دعي إليها قابل هناك مصادفة أحد الرهبان السريان الأرثوذوكس وتصادف هذا اللقاء أثناء صيام الرسل عند الأقباط الأرثوذوكس وقد كانت فترة الصيام في هذا العام طويلة نوعاً ما وجري بينه وبين الراهب السرياني حديثاً لا ينساه حول مدة صيام الرسل عند السريان الذي أكد له أنه ثلاثة أيام فقط وروي له تاريخ تقليل مدد الصيام عند السريان وكيف أن الكنيسة رضخت لطلبات الشعب آنذاك وتفاجأ الأب ماركوس حينما وجد هذا الراهب السرياني يقول له صدقني منذ أن تم تقليل فترة الصيامات والكنيسة أصبحت تضعف تدريجياً لهذا يجد الأب ماركوس أن الوسطية هي الوضع الأمثل في صلوات وصيامات الكنيسة .
ورداً علي سؤال عن أن البعض يري أن نموذج الكنيسة الأنجيلية هو النموذج الأقرب للأستمرار في الغرب كونها كنيسة تراعي نمط الحياة الغربية من حيث رتم الحياة السريعة بينما الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية كنيسة طقسية يغلب عليها الأهتمام بالطقوس والألحان وما إلي ذلك ؟! لا يتفق الأب ماركوس مع هذا الطرح ويري أن الذي يجعل الأنسان يرتبط بكنيسته هو حبه لها وليس التعود لأن التعود غالباً ما يؤدي في النهاية إلي نوع من الملل ، فهذا الحب هو ما يجعل الأنسان مرتبط بالكنيسة والأستمرار بها وهذا الحب يأتي من الفهم والتعلم والمعايشة وليس بالتعود وهو ما تقوم به الكنيسة الأرثوذوكسية بالتعليم والفهم.
ويشير الأب ماركوس أن الكنيسة القبطية منفتحة علي الكنائس الأخري ولو وجد هو خدمة معينة في الكنائس الأخري فعقله منفتح للتعلم منها بل وتطبيقها في خدمته في الكنيسة كما أشار أيضاً إلي التعاون مع الكنائس الأخري مثلما حدث منذ عدة سنوات حين حدث أعصاراً قوياً تسبب في تصدع الكثير من المباني ومن ضمنها أحدي الكنائس الإنجيليّة التي ذهب إليها الأب ماركوس ودعي أب الكنيسة التي تهدمت كنيسته للصلاة في الكنيسة ، وهكذا أستضافت كنيسة السيدة العذراء المصليين من الكنيسة الأنجيلية لأقامة الصلوات بها كل يوم أحد بعد صلاة القداس الأرثوذوكسي لأكثر من عام ونصف العام ، وهذه هي روح المحبة التي تسود بيننا .
وحول سؤالي هل من الممكن أن تتحد الكنائس قريباً ، أجاب الأب ماركوس ، نحن نتمني ونصلي من أحل ذلك . ورداً علي سؤال حول أنه من الجائز أن نفهم حاجة القبطي الذي يعيش في مصر لأن تكون الكنيسة عبارة عن كنيسة ونادي وچيم وكافيتريا وغيرها من النشاطات بسبب التمييز ضد الأقباط وتهميشهم في المجتمع المصري ولكن هذا الطرح غير مقبول هنا فلا حاجة للقبطي لأن تحتوي الكنيسة علي كل ذلك ، فكل هذا وأكثر متاح للقبطي هنا دون تمييز أو تهميش ، ألا يقلل هذا من أندماج القبطي في المجتمع ؟!
يرفض الأب ماركوس هذا الطرح فالكنيسة منفتحة جداً علي المجتمع وتقدم أيضاً خدمات للمجتمع المحيط و أعطي مثالاً علي ذلك حيث أعتادت الكنيسة هنا بأن تقوم بعمل وجبات ويقوم الشعب بالذهاب للمحتاجين والذين بلا مأوي لتوزيعها عليهم بالمجان فالكنيسة جزء من المجتمع هنا وليست كنيسة منغلقة علي نفسها أو منفصلة عن مجتمعها . إلي هنا أنتهي حواري مع الأب ماركوس عبد المسيح الذي أعرفه وأعرف ما يقوم به من مجهودات من أجل خدمة شعب الكنيسة مع الأب شنودة بطرس أب آباء العاصمة أتوا .
وتبقي كلمة ، كل ما طرحته من أسئلة هي أسئلة تدور في العقل القبطي هنا في المهجر ليست بالضرورة أن تكون قناعة المحاور ولكنها أسئلة وتساؤلات تستحق أن نسلط الضوء عليها ، فيقيناً فهم الأجيال القادمة وتقبلها للفكر الأرثوذوكسي سيختلف عن فهم الأجيال السابقة ويقيناً أي مؤسسة لا تطور من نفسها لما يواكب العصر لن تلقي نجاحاً ولا أستمراراً والكنيسة مؤسسة كباقي المؤسسات ، نعم هناك بعداً روحياً في كونها مؤسسة روحية أسسها السيد المسيح علي الصخر ولكن من أجل أستمراريتها تحتاج لجهداً جهيداً وتطويراً وفهماً جيداً لكل المتغيرات التي تحدث حولها !
تلك كنيسة عريقة لها تاريخاً سيتوقف عنده الزمن كثيراً ، تلك كنيسة قدمت قديسين ملئ السمع والبصر كانوا كشعاع ضياء في اليالي الحالكة وهي دوماً كانت كالمنارة ، تلك كنيسة قدمت أيماناً صخرياً لا يهاب الموت وقد رأيناه بأعيننا علي الشاشات منذ سنوات قليلة علي يد شهداء الأقباط البسطاء في ليبيا فما هانوا ولا تركوا أيمانهم وقد شهد العالم لهم بذلك فصدقنا ما قرأناه في عن تاريخ الأقباط المجيد في الماضي ، تلك كنيسة الأقباط الذين تحملوا الجزية و التمييز والتضييق و التهميش والأضطهاد من أجل أيمانهم وظلوا علي أيمانهم ثابتين إلي يومنا هذا ، تلك كنيسة تستحق أن يبذل القائمون عليها الكثير والكثير من أجل حفظها مشرقة ناصعة كما يريدها أبناؤها .
وللحديث بقية جورج موسي