ثقافات وعادات
يصل كل مواطن الي الارض الجديدة التي سوف يستقر بها لفترة وفي جعبته الكثير من العادات والتقاليد والسلوكيات المتوارثة والمكتسبة. فسلوكيات الانسان تتحكم فيها كل ما هو مكتسب من البيئة المحيطة من حيث: المجتمع الذي نشاء فيه الفرد، جماعة الأصدقاء، الظروف المختلفة التي نشاء فيها جيل ما، وسائل الإعلام، التكنولوجيا، دور العبادة، المناهج التدريسية، المناهج الدراسية (وهناك فرق بين التدريسية والدراسية )، الظروف الجغرافية والمناخية، كذلك المتوارث التاريخي والحضاري لبلد المنشاء. وأيضا كل ما هو موروث ايضا من صفات جينية من الوالدين، او دينية أو عقائدية أو مفاهيمية.
فالملبس والاكل والشرب وطرق التعامل والمفاهيم وغيرها ما هي إلا تعبير عن مختزن يصب في هذا الوعاء الإنساني الذي هو الصورة المادية الملموسة أي الجسد.
يذكر الكتاب المقدس انه من فضلة القلب يتكلم اللسان، أي ما يدور داخلك من افكار وشهوات ورغبات؛ وكما يقول العامة: إن كل إناء ينضح بما فيه. دعني اشاركك عزيزي القارئ بشخصيتين من الكتاب المقدس؛ الاولي بالعهد القديم وهو يشوع بن نون خادم موسي (يشوع 24 : 15 )، والثانية: كرنيليوس (أعمال الرسل 10 ) قائد المئة خادم الامبراطورية الرومانية بالعهد الجديد. كلا منهما كان يحب الرب اله اسرائيل وكانا يتعبدان له بمخافة، مع عطاءات وصلوات وتشكرات . كذلك وضعا في قلبيهما شعار :" اما انا وبيتي فنعبد الرب".
أي مهما كانت الظروف التي نمر بها ، نحن مصممين ان نعبد الرب لأنه رقم واحد في حياتنا وعبادتنا؛ فنحن نحبه ونهابه لأنه هو احبنا اولا. وبالرغم من كونهما مواطنان تغربا عن مكان ميلادهما ، فهما مواطنان في وطن أخر، فيشوع ولد بارض مصر وكان من شعب بني إسرائيل، وخرج الي ارض الموعد – فهو الوحيد مع كالب ابن يفنه الذي دخلها كثمرة اولا لثقته بإلهه وثانيا ايمانه انه قادر علي امتلاكها لأنه صدق وعد الرب بانها له ولنسله- فوضع في قلبه انه وبيته لن يتلوث بعادات وتقاليد الشعوب الذين سيمر بارضهم أو يسكن في وسطهم.
أما كرنيليوس فهو قائد مائة روماني، أي انه رتبة عسكرية عالية المقام مسموع الكلمة والامر، رجل واصل لعالية قومه، يؤمن باله اسرائيل بالرغم انه أممي ومتغرب عن مسقط راسه روما ليعمل باورشليم حيث تعرف علي اله غير اله ابائه وقرر ان يلتصق به هو وبيته غير تابعا لعادات وتقاليد منشأه. وعندما ينظر الرب الاله الي هؤلاء الفاهمين الطالبين وجهه ويثقون بكلمته وينفذوها ويسلكون بها ويعيشونها، لا يستحي ان يدعي إلههم ويعلن لهم ذاته وأسراره. فكلا من يشوع و كرنيليوس تكلم معهما الرب شخصيا برسالة خاصة جدا مميزة سمعها الجميع وكانوا شهودا عليها.
فالرب قال ليشوع انه سيكون معه كما كان مع موسي ويرسل هيبته امامه ويرشده ويقوده ويستجيب لكل طلباته. كذلك مع كرنيليوس حيث ارسل الرب ملاكه وارشده الي مكان الرسول بطرس ليخبره عن المخلص الرب يسوع الذي صلب وقبر وقام ومزمع ان يأتي مرة اخري ليدين الاحياء والاموات. فمعني اسم يشوع : الرب يخلص. و كرنيليوس كان يحتاج لمخلص فمعني اسمه " متعلق بقرن".
وهذا يذكرني بقرون المذبح بهيكل سليمان قديما عندما كان يخطئ احد من الشعب بالقتل الخطاء ويهرب ليتعلق بقرون المذبح فانه يحصل علي البراة لأنه طلب حماية خاصة من الرب (1 ملوك 1: 51 ؛ 2 : 28 ). فليس بأحد غيره الخلاص.
الإله الذي وقف مع يشوع في القديم ومع كرنيليوس في الجديد لانهما وضعا في قلبيهما الا يتنجسوا بعادات وتقاليد الشعوب الوثنية الساكنة معهم، هو هو لم ولن يتغير. وانت كمواطن في وطن جديد ماذا وضعت في قلبك؟ .