أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

مفهوم العدل الإلهي

رامز أرمانيوس
رامز أرمانيوس

سنحاول في هذا المقال إيضاح وشرح المفهوم الخاطئ للعدل الإلهي. للأسف قد تسرب إلى أغلب الناس، بعض الأفكار الخاطئة التي بدورها رسمت صورة مشوهة عن الله. ومن ضمن هذه المفاهيم، مفهوم العدل الإلهي. ولكي نشرح هذا المفهوم، نبدأ أولا بشرح مفهوم الخطية.

أولا: مفهوم الخطية

فالخطية ليست كما تعلمنا منذ الصغر إنها إهانة غير محدودة لله، وإن الآب هو المجني عليه بسبب الخطية، لذلك سيسكب غضبه على الابن، فبعقوبة المسيح، سيتم استرضاء العدل الإلهي. إن هذا التعليم غريب عن الكتاب المقدس وتعاليم الآباء.

فالخطية هي مرض أصاب الإنسان باختياره الحر وبإرادته الحرة وقد تم ذلك أيضا بإغواء إبليس له وموافقة الإنسان. فالإنسان باختياره الحر أصبح هو المجني عليه والمدان.

ثانيا: مفهوم العدل الإلهي

بما أن الإنسان اختار بإرادته الخطية، إذا فغضب الله موجه للخطية وموجه لإبليس وجنوده. أي أن هذا الغضب موجه للفعل نفسه وليس للإنسان: "لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ". (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 1: 18).

لذلك فالغضب ليس على الإنسان. أما كلمة عدل فهي بالعبرية "زدك" وبالعربية صدق أو بر أو أمانة. فعدل الله أي بره أي أمانته تتحقق في وفاء وعوده. ووعوده هي أن يعيد الإنسان إلى الصورة التي فقدها بسبب الخطية، لا أن يفنيه بغضبه.

فالله سيعدل بعدله وبصدقه حال الإنسان ويرده إليه. وهذا هو ما يسر الآب. لذلك أقر الله موت الإنسان كرأفة إلهية وليس تشفيا فيه. فالموت كأجرة للخطية، بسبب الانفصال عن الله، هو أيضا رأفة من الله حتى لا يكون للخطية صفة الخلود والديمومة في حياة الإنسان. كذلك فالله لا ينتقم من الإنسان بموته فهذه وحشية وسادية غريبة عن طبيعته. فصفات الله ليس بينهما أي تضاد.

عزيزي القارئ... سأضع أمامك الآن مجموعة من أقوال الآباء، على سبيل المثال فقط، لشرح هذا المفهوم.

  • (أول نتيجة بهذا السقوط (أي الخطية الأولى) أن أدرك الإنسان الخجل والخزي، فأختفى من الله. وقد ربح الإنسان الموت، وقطع الخطيئة، حتى لا يظل الشر فيه خالدًا، وهكذا كان قصاص المحبة الإلهية لصالح البشرية، وهذه هي طريقة الله في العقاب أنه دائمًا لصالح الإنسان).

القديس غريغوريوس النزينزي

GRÉGOIRE DE NAZIANZE, Discours 45, sur la pâque(Pd 36,850).

  • (هذه هي العلة التي لأجلها طُرِد الإنسان من الفردوس، وأبعده عن شجرة الحياة. لقد تصرف معه هكذا رأفة به حتى لا يبقى الإنسان دائمًا حليف التعدي، ولكي لا تظل الخطيئة التي أُمسك فيها مُلازمة له أبدًا، ولا يظل الشر يفت في عضد الإنسان بلا توقف؛ فلا يكون له شفاء . لذا أمسكه الله وهو في تعدّيه، بإدخاله الموت حائلًا ليوقف ديمومته في التمادي .. محددًا له أجلًا باضمحلال الجسد الذي أُخِذ من الأرض، ولكي إذا أمكن للإنسان، أن يموت عن الخطية يبدأ يومًا ما في أن يحيا مع الله).

القديس إيريناؤس أسقف ليون

IRÉNÉE DE LYON: contre les Hérésies III,23,6(SC n 211 bis, p.460)

  • (لو أن الله قال كلمة واحدة، بسبب قدرته، وأبطل بها اللعنة، لظهرت قوة الذي أعطى الأمر. ولكن بهذا سيظل الإنسان كما كان آدم قبل العصيان أي حاصلًا على النعمة من الخارج دون أن تكون متحدة مع الجسد، بل ربما صارت حالته أسوأ مما كان في الجنة بسبب أنه قد تعلم كيف يعصي .فلو كانت حالته هكذا وأُغوي مرة أخرى بواسطة الحية لصارت هناك حاجة مرة أخرى أن يأمر الله ويبطل اللعنة وهكذا تستمر الحاجة إلى مالا نهاية. ولظل البشر تحت الذنب بسبب استعبادهم للخطية.

إذ هم يقترفون الإثم لظلوا على الدوام في حاجة لمن يعفوا عنهم، ولما((خلصوا)) قط، ولكونهم أجسادًا بحسب طبيعتهم فإنهم يظلون مقهورين دائمًا بواسطة الناموس لسبب ضعف الجسد.

ومرة أخرى نقول،لو كان الكلمة مخلوقًا،لظل الإنسان مائتًا، كما كان قبلًا، حيث أنه لم يتحد بالله. فإنه لا يستطيع مخلوق أن يوحد المخلوقات مع الله،إذ هو نفسه في حاجة لمن يوحده بالله. وليس في وسع جزء من الخليقة أن يكون ((خلاصًا)) للخليقة إذ هو نفسه في حاجة إلى الخلاص)

القديس أثناسيوس الرسولي ضد الأريوسيين

المقالة الثانية، فقرات 69،68.

  • (لأن الله رأي أن حكم الموت لصالح الإنسان، إذ أنه مال مرةً للخطية، وأصاب طبيعته مرض الميل للشر .. فبطريقة مفيدة وُجد الموت الجسدي الذي لم يؤدِ بالإنسان إلى الدمار الكامل، حتى يمكننا القول إن الإناء المكسور قد حُفِظ لكي يصير جديدًا بطريقة ما، طالما سيتم تصنيعه في الوقت المناسب).

القديس كيرلس الكبير

الجلافيرا على سفر التكوين، المقالة الأولى

إذا فالعدل الإلهي هو أن يعدل الله بعدله وبره وأمانته حياة الإنسان، لا أن يغضب أو ينتقم منه، أو يسكب جامات غضبه على ابنه الحبيب ربنا يسوع المسيح. كذلك فأن الموت كان رأفة منه لنا وليس انتقاما منا.