ماذا يريد المستنيرين ...من الكنيسة ؟؟(3)
سأل أحد ما أبونا الروحي متى المسكين في حياته على الأرض لماذا تعكف على الكتابة ثم الكتابة فكانت الإجابة التعليم ثم التعليم، نعم إنها إجابة كافية وتعبر ما كانت في نفس هذا الأب الروحي، الكبير في مقامه الروحي، إن أزمتنا نحن المستنيرين ونقطة التصادم مع الكنيسة هي التعليم ثم التعليم.
فالقائمون على التعليم في المنابر وهم من يتصدرون المشهد الكنسي يحتاجون إلى تلمذة روحية قبل أن يتصدرون المشهد من على المنبر، تلمذة على يد وتحت يد المعلم الأوحد في الكنيسة إلا والروح القدس، إن التعليم في الكنيسة في النصف قرن المنصرم اقتصر على أصحاب الزي الأوحد وكأن الزي هو ما يعطي صاحبة موهبة التعليم.
فكر عزيزي القارئ في هذه العبارة هل الزي هو الذي يعطي صاحبة موهبة التعليم!!، إن مواهب وعطايا الروح القدس لا تقتصر على أصحاب الزي، ماذا وإلا كان المسيح أقر تشريعا جديدا يضاف إلى تشريعات العهد القديم بأن يوحد الزي ليكون شرطا أساسيا للحصول على موهبة التعليم، لكن شكرا للرب إن أعطى الجميع أو بالأحرى من يطلب "يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟". (لوقا ١١: ١٣) إذ عطية وموهبة التعليم لم ولن تقتصر على أصحاب الزي ولكنها نعمة وهبة مجانية لكل من يطلب ويؤمن بما يطلبه فيأخذ، "وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. ١١ وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، (أفسس ٤: ٧، ١١).
فهنا بولس الرسول يذكر الوظائف التي لجسد المسيح أي الكنيسة، إذ يقول أعطى "البعض" والبعض هنا لم يحدده بولس الرسول من هو البعض إذ لم تقتصر مواهب وعطايا الروح القدس على فئة معينة ولماذا نحاول أن ندور حول الأمر وهو في غاية الوضوح إذ انه قبل هذه الحقبة، أي النصف قرن المنصرف، في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لم يقتصر التعليم ولا الوعظ بعد قراءة الإنجيل في صلوات القداس الإلهي على فئة الكهنة وهذا الأمر اُسًتحدث فقط منذ تولي البابا شنودة الثالث تقاليد قيادة الكنيسة.
وفي الإصحاح الثاني عشر من رسالة كورنثوس الأولي يذكر الرسول هنا مواهب الروح القدس بأكثر وضوحا إذ يذكر لكل واحد يعطي إظهار الروح...للمنفعة، ويختم هذا الـــــــ paragraph بجملة جميلة جدا《قاسما لكل واحد بمفرده》
"وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. ٨ فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، ٩ وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. ١٠ وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. ١١ وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ. (١ كورنثوس ١٢: ٧-١١).
فيا من تلتصق بـــ "المايك" وتملأ الدنيا صخبا وضجيجا وأنت لم تأخذ هذه الموهبة من مانح وعاطي الموهبة، أنت لم ترتكب جرما في حق نفسك فقط بل أنت ترتكب جرما في حق مانح المواهب إذ تضع وتنصب نفسك مكانه.
وأنت يا من تقف في الباب لكي تسمح لهذا بالتعليم وتمنع الآخر بحسب هواك أو بحسب استحسانك الشخصي لأنك أخذت مكان القيادة من صاحبها، أي الروح القدس، بدون إن تجلس عند قدمي المصلوب لتسمع كلمة من فمه《فَقَالَ: إِلهُ آبَائِنَا انْتَخَبَكَ لِتَعْلَمَ مَشِيئَتَهُ، وَتُبْصِرَ الْبَارَّ، وَتَسْمَعَ صَوْتًا مِنْ فَمِهِ. (أعمال الرسل ٢٢: ١٤)》وتصدر أؤامرك بمن يُعلم ومن يُمنع من التعليم، فأنت وقفت في الباب إذ ينطبق عليك هذه الويلات 《وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ الْمَعْرِفَةِ. مَا دَخَلْتُمْ أَنْتُمْ، وَالدَّاخِلُونَ مَنَعْتُمُوهُمْ». (لوقا ١١: ٥٢)》
أرجوكم تنحوا بعيدا عن شهوة إمساك الميكرفون والظهور في الصف الأول إذ لم لديك موهبة التعليم إذ أن آفة أهل حارتنا كما يقول الأديب الكبير نجيب محفوظ هي عدم القراءة والبحث لكننا شعب يميل إلى الاستماع بدون البحث.
وأنتم يا من تظهرون على القنوات التي تسمي نفسها قنوات مسيحية أرجوك أن لم تكن مٌقاد بالروح القدس لا تفتح فاك وتأخذ شكل المعلم وتحتمي في الزي الذي ترتديه وأنت فارغ من الداخل لأن كثيرين ممن لا يقرأون مع كامل الأسف يسمعون بدون فحص وتفتيش في الكتب المقدسة، ألا تعلم أن الجهل حماقة!!《تَقَدُّمُ الْجُهَّالِ حَمَاقَةٌ. (الأمثال ١٤: ٢٤)》